×
شرح أصول الإيمان

عَدَمُ الْمُنَافَاةِ بين الإِْيمَانِ بِالْقَدْرِ وَالتَّدَاوِي

****

وعن أَبِي خُزامةَ عن أَبِيه رضي الله عنه قَال: قُلْت: يا رَسُولَ اللَّه، أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ شَيْئًا؟ قَالَ: «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ» ([1]).

****

وأنَّ ما أَصَابَك لم يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وما أَخْطَأَك لم يَكُنْ ليُصيبَك»، وروى عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وهكذا يَنْبَغِي لِمَن يقولُ قولاً أن يَذْكُرَ دَلِيلَه من الْكِتَابِ والسُّنة- فهذا عِبَادَةُ بنُ الصَّامَت لمَّا أَوْصَى ابْنَه بِهَذِه الْوَصِيَّةِ الْعَظِيمَةِ ذكر دَلِيلَه على هذه الْوَصِيَّةِ من حَدِيثِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وأشار بِأَنَّه صلى الله عليه وسلم ذكرَ بأنَّ منْ لم يُؤْمِنْ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر أَحْرَقَه اللهُ بِالنَّار، هذا وَعِيدٌ شَدِيد، يَدُلُّ على كُفرِ من أَنْكَرَ الْقَضَاءَ وَالْقَدَر.

هذا حَدِيثٌ عَظِيم، فيه أنَّه لا مُنافاةَ بين الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَاِتِّخَاذِ الأَْسْبَابِ النَّافِعَة، فلا يُقَالُ: نُؤْمِنُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ دونَ الْحَاجَةِ إلى اتِّخَاذِ الأَْسْبَاب، لأَنَّه من الْخَطَأ، ولا يُقَال: نَتَّخِذُ الأَْسْبَابَ وَحَسْب ولا حَاجَةَ إلى الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر، وهذا أيضًا من الْخَطَأ، لأنَّ الاِعْتِمَادَ على الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ ضَلاَل، وكذلك الاِعْتِمَادُ على الأَْسْبَابِ لوحدِها ضَلاَل، وَالْحَقُّ هو الْجَمْعُ بين الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَاِتِّخَاذِ الأَْسْبَابِ النَّافِعَة؛ لأَنَّهَا لا تُنَافِي الْقَضَاءَ وَالْقَدَر، لأنّ اتِّخَاذ الأَْسْبَاب إنَّما هو من الْقَضَاء وَالْقَدَر، فَلَوْلاَ أن الله قدَّر اتِّخَاذ هذه الأَْسْبَاب التي


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2065)، وأحمد رقم (15474).