مَدَى سَعَة رَحْمَة الله تعالى
****
وعن
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ
الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي!» ([1]).
****
فهذا فيه
إثْبَات صِفة الرَّحْمَة لِلَّه عز وجل، وأنَّها أَرْحَم من رَحْمَة الوَالِدَة
بِوَلَدِهَا، لَكِن هذا لِمَن تَسَبَّب في طَلَب الرَّحْمَة، وأمَّا من ضَيَّع
العَمَل الصَّالِحَ وَعَصَى الله عز وجل وَكَفَر به، فقد فَرَّط وَضَيَّع نَفْسَه،
وأمَّا من أَطَاع الله وَأَطَاع رَسُولَه صلى الله عليه وسلم وَعَمَل بِأَسْبَاب
الرَّحْمَة، فَإِن الله عز وجل أَشَدُّ رحمةً به من هذه المَرْأَة بِوَلَدِهَا.
قوله: «لَمَّا خَلَق الله الخَلق» يعني: فَرَغ من خَلْق الخَلق،
السَّمَوَاتِ وَالمَخْلُوقَاتِ كُلَّهَا كما قال تعالى: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ
ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾
[الأَعْرَاف: 54].
وِجَاء تَفْصِيل خَلْقِه في هذه السِّتَّة أَيَّامٍ في سُورَة فَصَلَّت: ﴿قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ﴾ [فُصِّلَت: 9] الآيَات، فَلَمَّا خَلَق الخَلْق سبحانه وتعالى كَتَب كِتَابًا فهو عِنْدَه فَوْق العَرْش كما جَاء في الحَدِيث، وَالمَقْصُود بِالكِتَاب: كتَاب القَضَاء وَالقَدَر، وهذا فيه الإِيمَان بِالقَضَاء وَالقَدَر وأنَّه مَكْتُوبٌ في اللَّوْح المَحْفُوظِ، وَمَكْتُوبٌ في غَيْرِه أيضًا مِمَّا شَاء الله سبحانه وتعالى، فَمَا من شَيْءٍ إلاَّ وهو مَكْتُوبٌ، وهذه الكِتَابة بعد خَلْق السَّمَوَات وَالأَرْض، وهذه الكتَابة غير الكِتَابة العَامَّةِ في اللَّوْح
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد