ثَمَرَةُ الإِْيمَانِ بِالْقَدْر
****
وعن
الْوَلِيدِ بنِ عُبادةَ قال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَادَةَ وَأَنَا أَتَخَايَلُ
فِيهِ الْمَوْتَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، أَوْصِنِي، وَاجْتَهِدْ لِي، فَقَالَ:
أَجْلِسُونِي، فَلَمَّا أَجْلَسُوهُ قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ
طَعْمَ الإِْيمَانِ وَلَمْ تَبْلُغْ حَقَّ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِاللهِ [تَبَارَكَ
وَتَعَالَى] حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قُلْتُ: يَا
أَبَتَاهُ، فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ الْقَدَرِ وَشَرُّهُ؟ قَالَ:
تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ
يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، يَا بُنَيَّ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه
وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ [تَبَارَكَ وَتَعَالَى] الْقَلَمُ،
ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، يَا بُنَيَّ: إِنْ مُتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ
النَّارَ» ([1]).
****
وقولُه: «لَمَّا سَمِع بَعْضُ الصَّحَابَةِ ذلك قال:
ما كَنَّت بأشدَّ اجتهادًا مِنِّي الآْن» هذا من فِقْهِ الصَّحَابَةِ رضي الله
عنهم، فَلَمَّا عَرَفُوا هذا زَاد اجْتِهَادُهُم في الْعَمَل، ولم يتكاسلوا أو
يَتَّكِلُوا على الْقَضَاءِ وَالْقَدَر.
وهذا الْحَدِيث أيضًا في مَوْضُوع الإِْيمَان بِالْقَضَاء وَالْقَدَر، وَالإِْيمَان بِهِمَا هو أَحَد أَرْكَان الإِْيمَان السِّتَّة، ففي هذا الْحَدِيث أنَّ الْوَلِيد بن عِبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه دَخَل على أَبِيه عُبادة بن الصَّامِت رضي الله عنه وهو في آخَر حَيَاتِه عند الْمَوْت، فلمَّا عَلِمَ بأنَّ أَبَاه قد احتُضر أو قَارِب الْمَوْت طَلَب منه وصيَّةً تَكُون من الْمَيِّت، لأَنَّه يُسْتَحَبّ لِلْمَيِّت أن يُوصي قبل مَوْتِه أَوْلاَدِه وَأَقَارِبُه بِتَقْوَى الله وَالتَّمَسُّك بالدِّين من بَعْدِه كما قال تعالى:
الصفحة 1 / 339