ذَمُّ المدَّاحين غيرَهم بما ليس فِيهِم
****
وعن
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله
عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ
بِأَلْسِنَتِهِمْ كَمَا تَأْكُلُ الْبَقَرُ بِأَلْسِنَتِهَا». رَوَاه أَحْمَدُ
وأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ ([1]).
****
وكذلك «الْمُتَفَيْهِقُونَ»
هم الذين يَتَوَسَّعُون في الْكَلاَم ويفتحون به أَفْوَاهَهُم تكبُّرًا، وهي
صِفَاتٌ ذَمِيمَةٌ.
وَالشَّاهِد في الْحَدِيث آخِرُه في قَوْلِه صلى الله
عليه وسلم: «الثَّرْثَارُونَ
الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ».
في هذا الْحَدِيث ذَمُّ لِلَّذِين يَمْدَحُون النَّاس
بما ليس فِيهِم من أَجْل الْحُصُول على عَطَائِهِم، فَيَأْكُل بِلِسَانِه،
فَيَسْتَعْمِل لِسَانَه لأَِجْل الأَْكْل، فهو يَمْدَح النَّاس وَيُكْثِر
الثَّنَاء عَلَيْهِم لأَِجْل هذا لاسِيَّما الأُْمَرَاء وَالْمُلُوك، فهذه صِفَةٌ
ذَمِيمَةٌ، لأنَّ طَلَب الرِّزْق لا يكون بِهَذِه الطَّرِيقَة، وإنَّما يكون
بِالطَّرِيقَةِ الْمَشْرُوعَةِ وليس بِالنِّفَاق وَالتَّمَلُّقِ وَكَثْرَةِ الْمَدَائِح.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «كَمَا تَأْكُل الْبَقَرُ بِأَلْسِنَتِهَا» هذا تَمْثِيلٌ يُقصَد منه الذَّمُّ، وَوَجْه الشَّبَه بَيْنَهُمَا: أنَّ هَؤُلاَء الْقَوْمَ يَتَّخِذُون أَلْسِنَتَهَم ذَرِيعَةً إلى مَأْكَلِهم كما تَأْخُذ الْبَقَر بِأَلْسِنَتِهَا، وَوَجْه الشَّبَه بَيْنَهُمَا أَنَّهُم لا يَهْتَدُون من الْمَأْكَل كما أنَّ الْبَقَرَة لا تَتَمَكَّن من الاِحْتِشَاش إلاَّ بِلِسَانِهَا، وَالآْخَر أَنَّهُم لا يُمَيِّزُون بين الْحَقِّ وَالْبَاطِل وَالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ كما لا تُمَيِّز الْبَقَرَة في رَعْيها بين رَطَبٍ وَيَابِسٍ وَحُلْوٍ وَمُرٍ، بل تَلُفُّ الْكُلَّ.
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد