الْحَثُّ على طَلَب الْعِلْم قبل قَبْضِه
****
وعن
ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ
يُقبَضَ، وَقَبْضُهُ ذهاب أهله، عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي
مَتَى يَفتَقِرُ إِلَيْهِ أَوْ يُفْتَقَر إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَسَتَجِدُونَ
أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اَللهِ وَقَدْ
نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ
وَالتَّنَطُّعَ وَالتَّعَمُّقَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ». رَوَاه الدَّارِمِيُّ
بِنَحْوِه ([1]).
****
الْجُهَّالُ
الذين لا يَعْرِفُون مَعَانِي الْعِلْم، فَيَتَكَلَّمُون بِجَهْل لا فَائِدَة منه،
وهم أَشْبَه بِالْقُرَّاء كما جَاء في قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ: «إِذَا كَثُر قُرَّاؤُكُم، وَقَلَّ
فُقَهَاؤُكُم» ([2]).
الثَّانِي: فَقْد الْعَمَل
به، فلا يَبْقَى لِلْعِلْم فَائِدَةٌ حِينَئِذٍ، وإنَّما يكون لِمُجَرَّد
الاِسْتِعْرَاض وَالتَّبَاهِي به وَلأَِجَل الرِّيَاء وَالسُّمْعَةِ.
قَوْلُه: «عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْل أَنْ يُقْبَضَ» أي: تعلَّموا من
الْعُلَمَاء إذا ما وُجِدُوا بَيْنَكُم، فَاحْمِلُوا الْعِلْم عنهم؛ لأنَّ
الْعِلْم إنَّما يُؤْخَذ من الْعُلَمَاء ومن أَهْلِه الْحَامِلِين له، ولا يُؤْخَذ
من الْكُتُب أو من الجُهَّال والمُتعالمين.
وَغَيْرِ ذلك من الأُْمُور التي تُزَهِّد في عِلْم السَّلَف الذين يتهمونهم بِأَنَّهُم لم يَكُونُوا يَسْتَعْمِلُون الْعَقْل بِخِلاَف الْخَلَف الذين أخضعوا عُلُومَهُم لِلْعَقْل وَالْفِكْر، وغيرِ ذلك من الشُّبُهَات التي أثاروها، وقد رَدَّ عَلَيْهِم ابْنُ رَجَبٍ في رِسَالَتِه هذه فَأَجَاد وأَفَاد، وبيَّن فَضْلَ عِلْم السَّلَف على الْخَلَف، وفنَّد مزاعم من يقول: إنَّ عِلْم السَّلَف أَسْلَمُ وَعِلْمَ الْخَلَف
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (143)، والطبراني في «الكبير» رقم (8845).
الصفحة 1 / 339