النَّهْيُ عن الاِسْتِشْفَاعِ بِاَللَّهِ على
أَحَد
****
وعن
جُبَيْر بن مُحَمَّد بن مُطْعِم عن أَبِيه عن جَدِّه قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، جُهِدَتِ
الأَْنْفُسُ، وَضَاعَتِ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الأَْمْوَالُ، وَهَلَكَتِ
الأَْنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللهِ
وَبِاللهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكَ !
أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟» وَسَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا زَالَ
يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ !
إِنَّهُ لاَ يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللهِ
أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ،وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا اللهُ؟ إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى
سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا» وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ
«وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» ([1]).
****
وقولُه: «قَالَ: وَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ، انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ
مِنْ عِقَالِهَا...» إلخ لم يَكُن عِمْرَان رضي الله عنه اسْتَكْمَل كَلاَمَه
مع الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِسَبَبِ أن نَاقَتَه قد انْحَلَّتْ من
عِقَالِهَا، فَلَمَّا أُخبِر بذلك خَرَج في إثْرِهَا لِطَلَبِهَا، ولم يَكُن قد
أَدْرَك آخَرَ الْحَدِيث.
وهذا الْحَدِيثُ كَذَلِك جَاء في تَفْسِيرِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ﴾ [الزُّمَر: 67] فهذا الأَْعْرَابِيُّ كان قد حَصَلَت منه إسَاءَةٌ في حَقِّه جل وعلا، فهو ما قَدَر اللهَ حَقَّ قِدْرِه، وذلك لأَنَّه لم يَعْرِف اللهَ عز وجل من خِلاَل قوله لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «... وَبِاللهِ عَلَيْكَ» بِسَبَب جَهْلِه؛ وَالْجَهْل آفَة.
الصفحة 1 / 339