بَدَأ الإسلام غريبًا وَسَيَعُود غريبًا
****
وعن
أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَدَأَ
الإْسْلاَمُ غَرِيْبًا وَسَيَعُودُ غَرِيْبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَي
لِلْغُرَبَاءِ». رَوَاه مُسْلِمُ ([1]).
****
وَلِهَذَا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ سَفَرًا قَطَعَ وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى» ([2])؛
والمُنْبَتُّ: هو الذي قَطع مركوبَه من شدِّة السَّيْر، مأخوذٌ من البَتِّ: وهو
القَطْع؛ أي: صَار مُنقطِعًا لم يَصِل إلى مَقْصُودِه وفَقَد مَرْكُوبه الذي كان
سيُوصله لو رَفَقَ به، وَالرَّاحِلَة هي النَّفْس، فإذا شَدَّدْتَ عليها
قَطَعَتْكَ.
فَعَلَى الْمَرْء أنْ يَأْخُذ من الطَّاعَات كَقِيَام
اللَّيْل وَالصِّيَامِ وَسَائِرِ الْعِبَادَات دون تَشْدِيد على نَفْسِه؛ لأنَّ
الاِعْتِدَال هو الطَّرِيق الصَّحِيحُ، وفي الْحَدِيث: «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» ([3])،
ففي الْعَمَل الْقَلِيلِ مع الْمُدَاوَمَة عليه خيرٌ كَثِيرٌ، بِخِلاَف الْعَمَل
الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ؛ فَالْوَسَط وَالاِعْتِدَال هو الْخَيْر وهو أضمنُ
لِلاِسْتِمْرَار، وأمَّا الْفَرَائِض فَلاَبُّد منها وهي ليس فيها تشدُّدٌ ولله
الْحَمْد.
قَوْلُه: «بَدَأ الإْسْلاَمُ» أي: في أَوَّل بَعْثة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لمَّا دَعَا النَّاس إلى تَوْحِيد الله تعالى مُمْتثِلاً قَوْلَ ربِّه سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١قُمۡ فَأَنذِرۡ ٢﴾ [الْمُدَّثِّر: 1- 2] فَاسْتَجَاب له صلى الله عليه وسلم الأفرادُ على خوفٍ من الكُفَّار؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيْبًا». والغريبُ: هو الإِْنْسَان الذي
([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد