النَّهْي عن الاِخْتِلاَف والتَّفرُّقِ
****
وفي
«الصَّحِيحَيْن» عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم قَالَ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكمْ
بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» ([1]).
****
*ومن هُنَا قال الْعُلَمَاء: سُؤَال أَهْل العلم على
قِسْمَين:
الأَْوَّل: السُّؤَال الذي الْقَصْد
منه التَّعنُّت وَالْمُبَاهَاةُ وَإِظْهَارُ الْعِلْم مُبَاهَاةً، وهذا لا يَجُوز،
وهذا مثل أَسْئِلَة بَنِي إسْرَائِيل لأَِنْبِيَائِهِم، كما قال صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّمَا أَهْلَك مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ،
فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ([2])،
فَالسُّؤَال الذي يُقصَد به التَّعنُّتُ أو التَّنطُّعُ أَمْرٌ مَرْفُوضٌ ولا
يَجُوز.
الثَّانِي: السُّؤَال
الذي يُقصد منه مَعْرِفَةُ الْحُكْم الشَّرْعِيِّ فهو مأمورٌ به، قال الله تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ
أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾
[النحل: 43].
قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَهَيْتُكمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ» هذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا» ([3])، فَالْحَرَام يُجتنَب كُلُّه، وأمَّا الْمَأْمُور به فَيُؤْتَى منه بالمُستطاع؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» بِخِلاَف الْحَرَام فإنَّه يُجتنَب كُلُّه؛ وذلك لأنَّ اجْتِنَابَه سهلٌ،
الصفحة 1 / 339