×
شرح أصول الإيمان

 ولكن قد يكون في الْمَأْمُورَات شَيْءٌ لا يُستطاع، فقد لا يَسْتَطِيع الْمَرِيض أن يتوضَّأ فإنَّه يتيمَّم، ولا يَسْتَطِيع أن يُصَلِّي قائمًا فيصلِّي جالسًا، فَإِن لم يَسْتَطِع فإنَّه يصلِّي على جَنْبٍ، فقد تَأْتِي أحيانًا أحوالٌ لا يَسْتَطِيع الإِْنْسَان فيها أن يُطبِّق الأَمْر تمامًا فإنَّه يَفْعَل ما يَسْتَطِيع منه، وهذا من تَيْسِير الله سبحانه وتعالى، فَالأَْمْر يُؤْتَى منه ما يُسْتَطَاع؛ قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ [البقرة: 286]. وأمَّا النَّهْي فإنَّه سَهْلٌ تجنُّبه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ» أي: كُلَّه.

وأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّمَا هَلَك مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ»

هذا كَحَدِيث أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه السَّابِقِ في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا».

ويُوضِّح ذلك: أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا» فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَو قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمُ» ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمِ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» ([1]).

وَمِثْل ذلك ما ذَكَرَه الله عن بَنِي إسْرَائِيل حِينَمَا أَمَرَهُم الله على لِسَان نَبِيِّه مُوسَى عليه السلام بأنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً، فلو أَنَّهُم أَخَذُوا أيَّ بقرةٍ وَذَبَحُوهَا


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1337).