×
شرح أصول الإيمان

التَّجوُّز في الْقَوْل وَتَرْكُ التَّكَلُّف وَالتَّنَطُّع

****

وعن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِْيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ». رَوَاه التِّرْمِذِيُّ ([1]).

****

 قَوْلُه: «التَّجوُّز في الْقَوْل» يَعْنِي: الاِخْتِصَار، وَالْمُرَاد: الْكَلاَم بِقَدْر الْحَاجَة وَعَدَم الزِّيَادَة في الْكَلاَم بِشَيْءٍ لا يَحْتَاج إلَيْه؛ لأنَّ هذا يُثْقِل السَّامِع وَيَتَسَبَّب له بِالْمِلَل وَرُبَّمَا يُنسي الْمُسْتَمِعِين معنى الْكَلاَم الذي يَقْصِدُه الْمُتَكَلِّم، فَالإِْطَالَة في الْكَلاَم تُسَبِّب في إضَاعَة الْمَعْنَى، بِخِلاَف قِلَّة الْكَلاَم وَالاِخْتِصَارِ التي يَتَّضِح فيها الْمَعْنَى.

وَلَهَذَا كان كَلاَم النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُختصرًا ووَجِيزًا وَمَعْدُودَ الْكَلِمَات، ولم يَكُن صلى الله عليه وسلم يَتَكَلَّم لأَِكْثَر من الْحَاجَة؛ ولهذا كانت خُطَبُه وَأَحَادِيثُه صلى الله عليه وسلم تُحْفَظ؛ لأَنَّهَا من جَوَامِع الْكَلِم كما قال صلى الله عليه وسلم: «أُوْتِيْتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ» ([2]).

وَقَوْلُه: «وَتَرْك التَّكَلُّف وَالتَّنَطُّعِ» التَّكَلُّف: هو إظْهَار الْبَلاَغَة وَالْفَصَاحَة، وَالتَّنَطُّع: هو التَّعَمُّق وَالْغُلُوُّ في الْكَلاَم وَالتَّوَسُّعُ فِيه.

وهذا حاصلٌ عند بَعْض الْمُتَحَدِّثِين وَالْخُطَبَاء في وَقْتِنَا الْحَاضِر، مع أنَّ الأَْصْل في الْمُتَكَلِّمِين وَالْخُطَبَاءِ أن يُؤَدُّوا الْكَلاَم بِأُسْلُوبٍ وَاضِحٍ وَعِبَارَاتٍ وَاضِحَةٍ، والابتعادُ عن الْعِبَارَات الْغَرِيبَةِ وَالأَْسَالِيبِ الْمُعَقَّدَةِ، لِإِرَادَة إظْهَار الشَّخْصِيَّة وَالْفَصَاحَة، فَيَنْبَغِي اخْتِيَار الأَْلْفَاظ الْوَاضِحَةِ التي


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2027)، وأحمد رقم (2231).

([2])أخرجه: مسلم رقم (523).