أَبْغَض الرِّجَال إلى الله
****
وعن
عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الأَْلَدُّ الْخَصِمُ». مُتَّفَق عليه ([1]).
****
وَقال: ﴿بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ﴾
[الزُّخرُف: 58] أي: أَصْحَاب خُصُومَةٍ يُرِيدُون التَّغَلُّب بالْبَاطِل، فهذا
دَلِيلٌ على أنَّ من تَرَك الحقَّ فإنَّه يُبْتَلَى بِالْجَدَل، فهؤلاء لمَّا
تَرَكُوا ما جَاء به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم من إخْلاَص التَّوْحِيد
ابْتَلاَهُم الله بِالْجَدَل، ولكنَّ الله تعالى قال بَعْدَهَا: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 101]، ومِنْ أَوْلَى هَؤُلاَء عِيسَى ابْنُ
مَرْيَم عليه السلام، فقد سَبَقَت له الْحُسْنَى لأَنَّه رَسُول الله، فالله جل
وعلا رَدَّ عَلَيْهِم بهذا الرَّدِّ.
في هذا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عن الْجَدَل
وَالْخُصُومَاتِ، وأنَّه يَنْبَغِي على الْمُسْلِم إرَادَةُ الْحَقِّ، لا
التَّغلُّب بِحُجَّتِه وَإِنْ كانت بَاطِلَةً كما هو حَال أَهْل الضَّلاَل.
قوله صلى الله عليه وسلم: «الأَلَدُّ» أي: شَدِيد الْخُصُومَة
بِالْبَاطِل.
وقَوْلُه: «الخَصِم» أي: الْحَاذِق بِالْخُصُومَة؛ وَالْمَذْمُوم هنا
الْخُصُومَة بِالْبَاطِل في رَفْع حَقٍّ أو إثْبَات بَاطِلٍ.
وَاَللَّه جل وعلا يَبْغُض الألدَّ الخصمَ؛ لأَنَّه ليس قَصْده الْحَقَّ وإنَّما حبَّ ظُهُور الْحُجَّة بِالْخُصُومَة ولو بِالْبَاطِل؛ ولأنَّ كَثْرَة الْمُخَاصَمَة تُفْضِي غالبًا إلى ما يُذَمُّ صَاحِبُه؛ لأنَّ أَكْثَر الْمُخَاصَمَة تَكُون في بَاطِلٍ من أَحَد الطَّرَفَيْن؛ ولهذا جَاء النَّهْي عَنْهَا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد