×
شرح أصول الإيمان

النَّهْيُ عن التَّعَرِّي وَوُجُوبُ الاِسْتِحْيَاءِ من الْمَلاَئِكَة

****

رَوَى الْبَزَّار عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ عَنِ التَّعَرِّي فَاسْتَحْيُوا مِنْ مَلاَئِكَةِ اللهِ الَّذِينَ مَعَكُمُ، الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لاَ يُفَارِقُونَكُمْ إِلاَّ عِنْدَ إِحْدَى ثَلاَثِ حَالاَتٍ: الْغَائِطُ، وَالْجَنَابَةُ، وَالْغُسْلُ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ بِالْعَرَاءِ فَلْيَسْتَتِرْ بِثَوْبِهِ، أَوْ بِخَذْمَةِ حَائِطٍ، أَوْ بِبَعِيرِهِ» ([1]).

قَال الْحَافِظُ ابنُ كَثِير: «ومعنى إكْرَامِهِم: أن يَسْتَحِي منهم، فلا يُمْلِي عَلَيْهِم الأَْعْمَالَ الْقَبِيحَةَ التي يَكْتُبُونَهَا، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَهُم كرامًا في خَلْقِهِم وَأَخْلاَقِهِم. ثم قال ما مَعْنَاه: إنَّ مِنْ كَرَمِهِم أَنَّهُم لا يَدْخُلُون بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولا صُورَةٌ ولا جُنُبٌ ولا تِمْثَال، ولا يَصْحَبُون رُفْقَةً مَعَهُم كَلْبٌ أو جَرَس» ([2]).

****

 في هذا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عن التَّعَرِّي حَتَّى وَإِن كان الإِْنْسَانُ خاليًا بِنَفْسِه ولا أَحَدَ يُشَاهِدُه، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تُشَاهِدُه ولهذا يَنْبَغِي الاِسْتِحْيَاءُ منهم، كما يَنْبَغِي الاِسْتِتَارُ منهم بِجِدَارٍ أو بِثَوْبٍ وَنَحْوِه إن أَرَادَ الاِغْتِسَال، ولا بَأْسَ وَالْحَالَة هذه من أن يَتَعَرَّى لَكِن يكون ذلك من وَرَاءِ سَاتِر وليس في الْفَضَاء دون سِتر.

وأمَّا ما ذَكَرَه الْحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رحمه الله ُ من أَنَّهُم: «لا يَدْخُلُون بيتًا فيه كَلْبٌ ولا صُورَة..» إلَخ؛ وذلك لأَنَّهُم يَكْرَهُون هذه الأَْشْيَاء، فيبتعدون عن الْبَيْتِ الذي فيه كَلْبٌ أو صُورَة، وقد ابتُلي النَّاسُ الآْن بِاقْتِنَاءِ


الشرح

([1])  أخرجه: البزار رقم (4799).

([2])  انظر: «البداية والنهاية» لابن كثير (1/51).