صَبْرُ اللهِ تعالى على تَكْذِيبِ الْمَخْلُوقِ له
****
وعن
أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَال اللهُ
عز وجل: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي
كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ
إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا!
وَأَنَا الأَْحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي
كُفْئًا أَحَدٌ» ([1]).
وفي
رِوَايَة عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: «وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ:
لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا» ([2]).
****
الْمَخْلُوقِ
عند اللهِ عز وجل، وذلك بِدُعَائِه سبحانه وتعالى لِلْمحْتَاج، والدعاءُ
لِلْمحْتَاجِ إنَّما هو شَفَاعَةٌ أو نَوْعٌ منها.
في هذا الْحَدِيثِ تَكْذِيبُ الْمَخْلُوق لِخَالِقِه جل وعلا، وذلك أنَّه جل وعلا أَخْبَر أنَّه سَيَبْعَث الْخَلْقَ يومَ الْقِيَامَة، وَكَثِيرٌ من الْخَلْقِ قد أَنْكَرُوا الْبَعْثَ، وقالوا: إن الْمَيِّتَ لا يُمْكِن أن يُبْعَثَ حيًّا مَرَّة أُخْرَى بعد أن صَار ترابًا، فهؤلاء الْقَائِلُون لِهَذِه الْمَقَالَة ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قدْرِه، وما عَرَفُوا أن اللهَ على كلِّ شَيْءٍ قَدِير، وَوَصَفُوا قُدْرَة اللهِ بِالْعَجْزِ عن إحْيَاءِ الأَْمْوَات، وفي هذا تَكْذِيبٌ له عز وجل، مع أنَّه سُبْحَانَه قد أَقَام الأَْدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ الدَّالَّةَ على إعَادَةِ الْخَلْقِ وَالإِْحْيَاءِ وَالْبَعْث، فَذَكَر أنَّه يُحْيِي الأَرْضَ بَعْد مَوْتِهَا، فَتَكُونُ جدباءَ قاحلةً ثم يَنْزِل عليها الْمَاء وَسَرَعَان ما تَهْتَزّ فَتُصْبِح خَضْرَاءَ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4690).
الصفحة 1 / 339