صِفَة الْعُلَمَاء الْمُتَّقِين
****
وعن
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ لِقَوْمٍ سَمِعَهُمْ يَتَمَارَوْن في
الدِّيْنِ: «أَمَّا عَلِمْتُمْ أَنَّ لِلَّه عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَةُ
اللهِ مِنْ غَيْرِ صَمَمٍ وَلاَ بَكَمٍ، وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْعُلَمَاءُ
والفُصَحَاءُ وَالطُّلَقَاءُ وَالنُّبَلاَءُ؛ الْعُلَمَاءُ بِأَيَّامِ اللَّهِ،
غَيْرَ أَنَّهُمْ إِذَا تَذَكَّرُوا عَظَمَةَ اللهِ طَاشَتْ عُقُولُهُمْ
وَانْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ، وَانْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، حَتَّى إِذَا
اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ تَسَارَعُوا إِلَى اللهِ بِالأَْعْمَالِ الزَّاكِيَةِ،
يَعُدَّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الْمُفْرِطِيْنَ، وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ
أَقْوِيَاءُ، وَمَعَ الضَّالِّينَ وَالْخَطَّائِيْنَ، وَإِنَّهُمْ لَأَبْرَارٌ
بُرَآءُ، أَلاَ إنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ، وَلاَ يَرْضَونَ
لَهُ بِالْقَلِيلِ، وَلاَ يُدِلُّونَ عَلَيْهِ بِأَعْمَالِهِمْ؛ حَيْثُمَا لَقِيتَهُمْ
مُهْتَمُّونَ مُشْفِقُونَ، وَجِلُونَ خَائِفُونَ». رَوَاه أَبُو نُعَيْمٍ ([1])..
****
هذا كَلاَمٌ
عَظِيمٌ من ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَصِف فيه الْعُلَمَاء الذين هُمْ من
خَشْيَة رَبِّهِم مُشْفِقُون.
قَوْلُه: «أَسْكَتَتْهُمْ
خَشْيَةُ اللهِ مِنْ غَيْرِ صَمَمٍ وَلاَ بَكَمٍ»؛ لأنَّ الْعِلْم قسْمَان:
الأَْوَّل: عِلْمٌ على اللِّسَان فَقَط، وهذا يكون مع الْمُنَافِق ومع من يُرِيد الدُّنْيَا أو من يُرِيد الْجِدَال وَالْخُصُومَة، وهذا عِلْم لا يَنْفَع بل يَضُرُّ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْل: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيْمِ اللِّسَانِ» ([2]).
([1]) أخرجه: أبو نعيم في «الحلية» (1/325).
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد