×
شرح أصول الإيمان

الْحِكْمَة ضَالَّة الْمُؤْمِن

****

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «الكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ؛ فَحَيثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا». رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وقال: غريبٌ، وابْنُ مَاجَه ([1]).

****

 قوله صلى الله عليه وسلم: «الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ» أي: ذَات الْحِكْمَة الْمُشْتَمِلَة عَلَيْهَا، وهي الْفِقْه في الدِّين، فَيَنْبَغِي أَخْذُ الْعِلْم أَيْنَمَا وُجد، ولو كان من يُؤْخَذ عنه قَلِيل الشَّأْن وَالْمَكَانَةِ عند النَّاس.

وقَوْلُه: «ضالَّةُ الْمُؤْمِن» الضَّالَّة: هي الْمَال الضَّائِع، وَالْمُرَاد مَطلوبُه «فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» أي: بِقَبُولِهَا؛ يعني: أن الْمُؤْمِن يَطْلُب الْحِكْمَة فإذا وَجَدَهَا «فَهُو أحقُّ بها» أي: بِالْعَمَل بها واتِّباعِها، وَقِيل: الْمَعْنَى أن الْحِكْمَة رُبَّمَا صَدَرَت ممَّن ليس بأهلٍ لَهَا ثم وَقَعْت إلى أَهْلِهَا فهو أَحَقُّ بها من قَائِلِهَا من غير الْتِفاتٍ إلى قِلَّة شَأْن من وَجَدَهَا عِنْدَه.

وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَبِل من الْيَهُود عِنْدَمَا قال له أحَدُهم: نِعْمَ الأُمَّةُ أُمَّتُك لَوْلاَ أَنَّهُم يَعْدِلون! قال: «كَيْفَ يَعْدِلُونَ»؟ قال: يَقُولُون: ما شَاء الله وَشِئْت. قال: «إنَّهُ لَيَقُولُ قَوْلاً، قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْت». وقال أيضًا: نِعْمَ الأُمَّةُ أُمَّتُكَ لَوْلاَ أَنَّهُمْ يُشْرِكُونَ، قَالَ: «مَا يَقُولُونَ؟» قال: يَقُولُون: بِحَقِّ فُلاَنٍ وَحَيَاةِ فلانٍ، قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إلاَّ بِاَللَّهِ» ([2])، فقد أَخَذ صلى الله عليه وسلم الحقَّ وَإِنْ كان الذي جَاء به يَهُودِيٌّ!


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2687)، وابن ماجه رقم (4169).

([2])  أخرجه: الطبراني في « الكبير » رقم (10468).