مَا جَاء في صِفَةِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ
****
وعن
ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ لَوْحًا مَحْفُوظًا مِنْ
دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، دَفَّتَاهُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، قَلَمُهُ نُورٌ،
وَكِتَابُهُ نُورٌ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ، يَنْظُرُ فِيهِ
كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، فَفِي كُلِّ نَظْرَةٍ مِنْهَا
يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ وَيَفْعَلُ مَا
يَشَاءُ»، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ
فِي شَأۡنٖ﴾ [الرحمن:29] ([1]).
قَال
ابنُ الْقَيِّم ([2]) -رحمه الله تعالى
-لمَّا ذكر هذه الأَْحَادِيثَ وما في مَعْنَاهَا، قال: «فهذا تَقْدِيرٌ يَوْمِيّ،
والذي قَبْلَه تَقْدِيرٌ حَوْلِي، والذي قَبْلَه تَقْدِيرٌ عُمري عند تعلُّقِ
النَّفْسِ به، والذي قَبْلَه كَذَلِك عند أَوَّلِ تَخْلِيقِه وَكَوْنه مُضْغَة،
والذي قَبْلَه تَقْدِيرٌ سَابِقٌ على وُجودِه لَكِن بعد خَلَقِ السَّمَوَاتِ
وَالأَْرْض، والذي قَبْلَه تَقْدِيرٌ سابقٌ على خَلَقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ
بِخَمْسِين أَلْف سَنَة، وُكُلُّ واحدٍ من هذه التَّقَادِيرِ كَالتَّفْصِيلِ من
التَّقْدِيرِ السَّابِق، وفي ذلك دَلِيلٌ على كَمَالِ عِلْمِ الربِّ وقُدرتِه
وحكمتِه، وَزِيَادَةِ تَعْرِيفِه الملائكةَ وعبادِه الْمُؤْمِنِين بِنَفْسِه
وَأَسْمَائِه.
ثُمّ قال: فَاتَّفَقَت هذه الأَْحَادِيثُ وَنَظَائِرُهَا على أنَّ القَدَرَ السابقَ لا يَمْنَعُ الْعَمَلَ ولا يُوجِبُ الاِتِّكَال عَلَيْه، بل يُوجِبُ الجِدَّ وَالاِجْتِهَاد؛ ولهذا لمَّا سَمِع بعضُ الصَّحَابَةِ ذلك قال: ما كَنت بأشدَّ اجتهادًا مِنِّي الآْن.
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (3771)، والطبراني في «الكبير» رقم (10605).
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد