×
شرح أصول الإيمان

تجوُّلُ الْمَلاَئِكَةِ على حِلَقِ الذَّكرِ وَالْعَلَم

****

ورَوى الإمامُ أَحْمَد وَمُسْلِم حَدِيث: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ فِي بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ يَتْلُون كُتَّابَ اللهِ وَيَتَدارَسُونَه بَيْنَهُم، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» ([1]).

****

لهم بِأَحْسَنِ الشَّهَادَة، هَؤُلاَء هُم الْمَلاَئِكَةُ الحَفظَةُ وهذا عملُهم، وهذه أَوْقَاتُ نُزُولِهِم وصعودِهم.

وهذا الْحَدِيثُ أيضًا في بَيَانِ صنفٍ من الْمَلاَئِكَة، وهم الْمَلاَئِكَةُ الَّذِين يتجوَّلون يَطْلُبُون حِلَقَ الذَّكر، فمِن الْمَلاَئِكَةِ من مُهمَّتُهم حُضُور دُرُوسِ الْعِلْمِ وحِلَقِ الذَّكر، فهذا فيه فَضْلُ طلبِ الْعِلْمِ والحثُّ عَلَيْه؛ لأنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَعْتَنِي بهذا وَتَبْحَثُ عَنْه وَتَأْتِي إلَيْه.

فَقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ» يَعْنِي: من الْمَسَاجِد، وهذا فيه أنَّ تَعْلِيمَ الْعِلْمِ يَنْبَغِي أن يكونَ في الْمَسَاجِد؛ لأَنَّه تَحْضُرُه الْمَلاَئِكَة، وكذا يَحْضُرُه طُلاَّبُ الْعِلْم والعوامُّ فيستفيدون من هذه الدُّرُوس، فهو بَيْتُ السَّكينةِ وَالرَّحْمَةِ وهو مَأْوَى الْمَلاَئِكَة، بِخِلاَفِ ما إذا ما أُقيمَ الدَّرْسُ في غيرِ الْمَسْجِد، فإنَّه تَقِلُّ أهميتُه وَيَفْقِدُ هذه الصِّفَة، وَيُصْبِحُ مقصورًا على الْحَاضِرِين من الطُّلاَّبِ فَقَط، فَيَنْبَغِي أنْ يُعلَنَ الْعِلْمُ ولا يُخزَّن، ومحلُّ إعْلاَنِه يكونُ في الْمَسَاجِد، ولا يكونُ في المخيمات


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2699).