×
شرح أصول الإيمان

قَبْضُ اللهِ تعالى الأَرْضَ وطيُّ السَّمَاءِ بِيَمِينِه

****

عن أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قال: سَمِعْت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يَقْبِضُ اللهُ الأَْرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ, ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَْرْضِ؟» ([1]).

****

 وهذا تَفْسِيرٌ آخَر لِلآْيَةِ فيه أنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَقْبِضُ الأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَدَيْه سبحانه وتعالى، وفي هذا دَلِيلٌ على عَظَمَةِ اللهِ جل وعلا، وَأَن هذه الْمَخْلُوقَاتِ حَقِيرَةٌ قياسًا بِعَظَمَةِ اللهِ عز وجل؛ ولهذا قال سُبْحَانَه: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ [الزُّمَر: 67]؛ أي: ما عَظَّمُوه حَقَّ تَعْظِيمِه؛ حيث إنَّهُم كَذَّبُوا رُسُلَه وَأَشْرَكُوا بِاَللَّهِ عز وجل وَعَبَدُوا غَيْرَه وأنكروا كَلاَمَه، وأنكروا أَسْمَاءَه وَصِفَاتِه، وَتَجَرَّءُوا على حُرُمَاتِه، وَتَرَكُوا طَاعَتَه، كلُّ هَؤُلاَء ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ [الزَّمْر: 67] وهم الْكُفَّارُ وَالْمُشْرِكُون وَالْعُصَاةُ وَالْفِرَقُ الضَّالَّةُ من الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالأَْشَاعِرَةِ الَّذِين نَفَوْا أَسْمَاءَ اللهِ وَصِفَاتِه وَحَرَّفُوا، فَجَمِيعُهُم دَاخِلُون في قولِه تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ [الزُّمَر: 67]، أي: ما عَظَّمُوه حَقَّ تَعْظِيمِه، وكذلك كلُّ من خَالَف أَمْرَ اللهِ وَعَصَاه وَارْتَكَبَ ما نَهَاه عَنْه، وَتَرَك ما أَوْجَبَه عَلَيْه، فإنَّه لم يُقَدِّر اللهَ حَقَّ قَدْرِه.

وَقَد بيَّن سُبْحَانَه عَظَمَتَه، وَأَن من عَظَمَتِه أنَّه يَطْوِي هذه الْمَخْلُوقَات يومَ الْقِيَامَةِ وَيَقْبِضُهَا بِيَدَيْه على الرَّغْمِ من اتِّسَاعِهَا وضخامتِها، وهي سَبْعُ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4534)، ومسلم رقم (2787).