×
شرح أصول الإيمان

وَله عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَْرْضَ، وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ» ([1]).

****

 سَمَوَاتٍ وَسَبْعُ أَرَضِين مضافًا إليهما ما في الأَرْضِ من الْمَخْلُوقَاتِ وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالأَْشْجَار، كُلُّهَا يَقْبِضُها اللهُ عز وجل َ بِيَدَيْه وعلى أَصَابِعِه جل وعلا كما جَاءَ في الْحَدِيث ([2]).

يقول اللهُ جل وعلا يومَ الْقِيَامَة: «أَنَا الْمَلِكُ» أَيْن الْجَبَّارُون؟ أَيْن الْمُتَكَبِّرُون؟ لَقَد كان في الدُّنْيَا جَبَابِرَة ومتكبرون عن طَاعَتِه جل وعلا، وكانوا يَسْتَعْمِلُون جبروتَهم على النَّاس، ويظلمونهم، وَيَتَسَلَّطُون على الْعِبَاد، لَكِن في الآْخِرَة وَبِمُجَرَّد أن تَقُومَ الْقِيَامَةُ يَذْهَبُ سُلْطَانُهم وَملكُهُم، ولا يَبْق الْمُلْك إلاَّ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار سبحانه وتعالى.

وهذا الْحَدِيثُ فيه إثْبَاتُ أنَّ من أَسْمَائِه جل وعلا الْمَلِك، وهو الْمُلْك الْحَقِيقِيّ، وأمَّا غَيْرُه من الْمُلُوك فملكهم إنَّما هو مُجَرَّدُ مِنْحَة منه جل وعلا، وَإِلا فَالْمُلْك الْحَقِيقِيُّ هو لِلَّه جل وعلا؛ قال تعالى: ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [آل عمران: 26]، فملوكُ الدُّنْيَا جَمِيعُهم إنَّما مُلْكُهِم مِنْحَة وَعَطِيَّة منه جل وعلا، وليس ملْكُهُم بِسَبَبِ قُوَّتِهِم وَمَكَانَتِهِم وإنَّما هو ابْتِلاَءٌ وَامْتِحَانٌ منه سبحانه وتعالى، يَبْتَلِيهُم وَيَبْتَلِي بِهِم، يَبْتَلِيَهُم بِإِعْطَائِهِم الْملْك وَيَبْتَلِي بِهِم النَّاس بِتَسْلِيطِهِم عَلَيْهِم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6977)، ومسلم رقم (2788).

([2])  انظر: البخاري رقم (6978)، ومسلم رقم (2786).