وَقَال
أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ لِسَلْمَان: لأَنا بأوَّلِ هذا الأَمْر أَشَدُّ فرحًا
مِنِّي بِآخِرِه.
وَذَلِك
لأَنَّه إذا كان قد سَبَقَ له من اللهِ سَابِقَةٌ وهيأهُ وَيسَّرْه لِلْوُصُولِ
إِلَيْهَا كان فرحُه بِالسَّابِقَة التي سَبَقَت له من اللهِ أَعْظَمُ من فَرَحِه
بِالأَْسْبَابِ التي تَأْتِي بَعْدَهَا»..
****
قولُه تعالى: ﴿كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ﴾
[الرحمن: 29]، هذا من التَّقْدِيرِ الْيَوْمِيّ بعد التَّقْدِيرِ السنوي أو
الْحَوْلِيّ، وهناك ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ من التَّقْدِير:
الأَْوَّل: التَّقْدِيرُ الْعُمْرِيّ.
الثَّانِي:
التَّقْدِيرُ السنوي.
وَالثَّالِث:
التَّقْدِيرُ الْيَوْمِيّ، كما في قولِه تعالى: ﴿كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ﴾
[الرحمن: 29]. وِجَاء تَفْسِيرُ ذلك في الْحَدِيثِ الذي سَاقَه الْمُصَنِّفُ في
هذا الْبَابِ وفيه: «يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ
يَوْمٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً» فيدبِّرُ ما يَشَاءُ سبحانه
وتعالى، ويقضي وَيَخْلُق وَيَرْزُق كلَّ يومٍ إذا نَظَر في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ،
وهذا تَقْدِيرٌ خَاصٌّ من التَّقْدِيرِ الْعَامّ.
وَابْنُ القيِّمِ رحمه الله ُ سَاق جُمْلَةً من نَحْو
هذه الأَْحَادِيثِ وَعلَّق عليها في كِتَابه «شِفَاء
الْعَلِيل في الْقَضَاء وَالْقَدَر وَالْحِكْمَة وَالتَّعْلِيل»، فَقَوْلُه: «فَهَذَا تَقْدِيرٌ يَوْمَيّ، والذي قَبْلَه
تَقْدِير حَوْلِي، والذي قَبْلَه تَقْدِيرٌ عُمري» هذا قد أَخَذَه واستنطبه
رحمه الله ُ من مَجْمُوعِ الأَْحَادِيث.
فَقَوْلُه: «هَذَا تَقْدِيرٌ يَوْمَيّ» كما في قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ﴾ [الرحمن: 29].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد