×
شرح أصول الإيمان

وقولُه: «وَاَلَّذِي قَبْلَه تَقْدِيرٌ حَوْلِي» كما في قوله: ﴿فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ [الدخان: 4].

وقولُه: «وَاَلَّذِي قَبْلَه تَقْدِيرٌ عُمُري» وهو ما يُكتب على الْجَنِينِ في بَطْنِ أُمِّه.

وقولُه: «وَاَلَّذِي قَبْلَه كَذَلِك عند أَوَّل تَخْلِيقِه وَكَوْنِه مُضْغَة» يُشِيرُ بذلك إلى ما جَاء في حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بن أُسَيدٍ من أن الْملَكَ «يَدْخُلُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ([1])، وأمَّا حَدِيثُ ابنِ مَسْعُود فَذَكَر أنَّه عِنْدَمَا تُنفخُ فيه الرُّوح، وهذا مُرَادُه من ذكرِ هذا الْقَوْل. وهو بَيَانُ اخْتِلاَفِ الْحَدِيثَيْن؛ حَدِيثِ ابن مَسْعُود والذي بَعْدَه.

وقولُه: «وَاَلَّذِي قَبْلَه تَقْدِيرٌ سَابِقٌ على وَجُودِه لَكِن بعد خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْض» يُشِيرُ بذلك إلى تَقْدِيرِ الْعَامِ السَّابِقِ على وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ وهو ما كان في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ؛ وَالْمُرَادُ به حَدِيثُ آدَمَ عِنْدَمَا أَخَذ اللهُ ذُرِّيَّتَه وقال: «هَؤُلاَءِ لِلْجَنَّةِ وَهَؤُلاَءِ لِلنَّارِ» ([2]) وهذا بعد خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ؛ لأنَّ خَلْقَ آدَمَ مُتَأَخِّرٌ عن خَلْقِهِمَا.

وقولُه: «وَاَلَّذِي قَبْلَه سَابِقٌ على خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ بِخَمْسِين أَلْف سَنَة» يُرِيد بِاَلَّذِي قَبْلَه ما جَاء في الْحَدِيثِ من أنَّ اللهَ «مَسَحَ ظَهرَ آدَمَ فَاسْتَخْرَجَ منه ذُرِّيَّةً وقال: هَؤُلاَء لِلْجَنَّة، وهؤلاء لِلنَّار» ([3])


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2644).

([2])  أخرجه: ابن أبي عاصم في « السنة » رقم (168)، والطبراني في « الكبير » رقم (434).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (4703)، والترمذي رقم (3075)، وأحمد رقم (311).