×
شرح أصول الإيمان

 فَارَق وَطَنَه وَأَهْلَه، فَسَار في بَلَدٍ غير ِبَلَدِه وبيْن أُناسٍ غيرِ أَهْلِه وَأَقَارِبِه، وقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عُمَرَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ» ([1]).

والإسلام أَوَّل ما بَدَأ كان أتباعُه قَلِيلِين، وهُمْ غُرَبَاء في وَسْط الْمُجْتَمِع الْكَافِر في مَكَّةَ، ولمَّا سَأَل عَمْرو بْنُ عَبْسَةَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ مَعَك على هَذَا الأَمْرِ. قال صلى الله عليه وسلم: «حُرٌّ وَعَبْدٌ» ([2]). أي: أَبُو بَكْر وَبِلاَل رضي الله عنهما، ثم ازْدَاد عَدَد الْمُسْلِمِين الذين دَخَلُوا في الإسلام في مَكَّةَ ومِنْ مُخْتَلَف الْقَبَائِل، ثم إنَّه بعد الْهِجْرَة وَتَشْرِيعِ الْجِهَاد زَادَت أَعْدَادُهُم، إلى أنْ فَتَح الرَّسول صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فَدَخَل النَّاس في دِين الله أفْواجًا.

ثم إنَّه بعد وَفَاتِه صلى الله عليه وسلم وَحَصَل ما حَصَل من رِدَّة كَثِيرٍ من الْقَبَائِل الْعَرَبِيَّةِ وَقَف أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه الْمَوْقِف الْحَازِمَ، فَجَاهَد المُرْتدِّين حتَّى أَخْضَعَهم لِحُكْم الإسلام.

وفي عَهْد عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه انْتَشَرَتِ الْفُتُوحَات الإِْسْلاَمِيَّة في الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب، حتَّى وَصَل الإسلام إلى كَثِيرٍ من أصْقاع الأَرْض وانتشر انتشارًا هائلاً، وَبَلَغ الإسلام ما بَلَغ اللَّيلُ والنَّهارُ؛ قال الله جل وعلا: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ [الصف: 9] فَظَهَر دِين الله عز وجل على سَائِر الأَْدْيَان، وكثُر أتباعُه.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6053).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (832).