وبعد ذلك جَاءَت خِلاَفَة بَنِي أُمَيَّةَ وانتشر الإسلام
واتَّسعتِ الْفُتُوحَات وامتدَّت حتَّى خِلاَفَة بَنِي العَبَّاسِ، وتلا ذلك
فِتْنَة التَّتَار وَحَصَل فيها على الْمُسْلِمِين ما حَصَل.
ثم ما زَال الإسلام يَضعُف ويَقلُّ أهلُه إلى أن يَعُود
في آخَر الزَّمان غريبًا كما بَدَأَ، فيكون عليه القِلَّة من النَّاس.
وَالْمُرَاد بِالإِْسْلاَم: الإسلام الْحَقِيقِيُّ لا
الإسلام المُدَّعَى الذي عليه كثيرٌ من النَّاس، ولكنَّ الْعِبْرَة بِالإِْسْلاَم
الْحَقِيقِيِّ، وهو الذي لا يكون عليه سِوَى قِلَّةً من النَّاس الذين يَكُونُون
كالغُرَباء؛ ولهذا جَاء أنَّ الْمُسْلِمِين بِالنِّسْبَة لِلأُْمَم الأُْخْرَى
غُرَبَاءُ، وَأَهْلُ السُّنَّة وَالْجَمَاعَةِ بِالنِّسْبَة للفِرَق
الْمُخَالِفَةِ التي تدَّعي الإسلام غُرَباءُ كَذَلِك، وسيئول الأَمْر إلى ما
أَخْبَر عنه صلى الله عليه وسلم فَيَعُود الإسلام غريبًا وما عليه إلاَّ القِلَّة
من النَّاس الذين يتمسَّكون به تمسُّكًا صحيحًا.
فَهُنَاك من يدَّعي الإسلام ولكنَّه ليس على حَقِيقَة ما
ادَّعاه، وإنَّما هي مجرَّد دَعْوَى لا وَزْنَ لَهَا، وهُنَاك من يدَّعي الإسلام
ويتشدَّدُ فيه حتَّى يَخْرُج منه لَيُصْبِح كَالْخَوَارِج والغُلاة، لأنَّ الإسلام
الْحَقِيقِيَّ ليس فيه غُلُوٌّ ولا تشدُّدٌ وهو الإسلامُ الصَّحِيحُ، وهذا يَقِلُّ
أَصْحَابُه في آخَر الزَّمان حتَّى يكون غريبًا.
ولا بُدَّ من و ُقُوع ما أَخْبَر به صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّه لا يَنْطِق عن الْهَوَى، وهذا خَبَرٌ منه صلى الله عليه وسلم مَعْنَاه الحَثُّ على التَّمسُّك بِالإِْسْلاَم عند حُصُول الغُرْبةِ، لِئَلاَّ ينجرف الإِْنْسَان مع التَّيَّارات الْمُخْتَلِفَةِ والمُنْحَرِفةِ بل يَثْبُت على
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد