×
شرح أصول الإيمان

 حَادِث، وَأَن له بِدَايَة، وأمَّا الْخَالِق جل وعلا فإنَّه ليس له بِدَايَة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ الأَْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» ([1])، هذا تَفْسِيرُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِه تعالى: ﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ [الحديد: 3] في هذه الأَْسْمَاء الأَْرْبَعَة الْمُتَقَابِلَة.

قولُه: «كَانَ اللهُ [تَبَارَكَ وَتَعَالَى] قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ» يعني: أنَّه سُبْحَانَه ليس له بِدَايَة، وأمَّا الْمَخْلُوقَاتُ فإنَّها لَهَا بِدَايَة؛ لأَنَّه هو الأَْوَّلُ فليس قَبْلَه شَيْءٌ سبحانه وتعالى.

وقولُه: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» أي: على الْمَاء الذي فَوْقَه السَّمَوَات وهذا فيه دَلِيلٌ على أن الْعَرْشَ هو أَوَّلُ الْمَخْلُوقَات، وهو أَعْلاَهَا؛ إذ ليس قبل الْعَرْشِ شَيْءٌ من الْمَخْلُوقَات، وكان على الْمَاء، فهو بَحْرٌ في السَّمَوَاتِ كما جَاء في الْحَدِيث: «وَمَا بَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَالْمَاءِ مَسِيرَةَ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ، وَاللهُ عز وجل عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ» ([2]).

وكما قال تعالى: ﴿وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ [هود: 7].

وقوله: «وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ» هذا فيه أن كلَّ شَيْءٍ يَحْدُثُ من أَوَّلِ الْخَلْقِ إلى آخِرِه إنَّما هو مقدَّرٌ وَمَكْتُوبٌ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ، وفي هذا إثْبَاتُ الْقَضَاء وَالْقَدَر، وَالْكِتَابَة في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2713).

([2])  أخرجه: الطبراني في « الكبير » رقم (8987)، وابن خزيمة في (التوحيد) (1/244) من قول ابن مسعود رضي الله عنه.