×
شرح أصول الإيمان

وَهْو سُبْحَانَه بين عَذَابِه وَشِدَّة غَضَبِه، وهذا من حِكْمَتِه سبحانه وتعالى من أَجْل أنْ يُرَغِّب العِبَاد في الأَعْمَال الصَّالِحَةِ ويُنفِّرَهم من الأَعْمَال السَّيِّئَة؛ ولهذا فَإِنَّ القُرْآن الكَرِيمَ مَلِيءٌ بِآيَات الوَعْد وَالوَعِيدِ، وغالبًا مَا يَأْتِي ذِكْر الجَنَّة بعد ذِكْر النَّار، فَيَذْكُر سُبْحَانَه النَّار وما اشْتَمَلَت عَلَيْه من العَذَاب، ثمَّ يَذْكُر الجَنَّة وما فِيهَا من النَّعِيم، فَتَجِد هذا في الآيَات المُتَجَاوِرَةِ، وَالحِكْمَة في ذلك دَفَع العَبْد لِلخَوْف وَالرَّجَاء، فإنَّه إذا قَرَأ عن النَّار وَعَرَف ما فِيهَا من العَذَاب لَعَلَّه يَتُوب إلى الله وَيَسْتَغْفِرُه ولا يَقْنَط من رَحْمَتِه، وإذا قَرَأ عن الجَنَّة وما فِيهَا من النَّعِيم لَعَلَّه يَطْمَع في رَحْمَة الله فَيَعْمَل الأَعْمَال الصَّالِحَةَ، فإذا ذُكِرَت النَّارُ تَاب من الذُّنُوب، وإذا ذُكِرَت الجَنَّةُ أَكْثَر من عَمَل الحَسَنَات، هذه هي حِكْمَة الله سبحانه وتعالى في كَوْنه يَجْمَع بين الأَمْرَيْن.

وكذلك فإنَّه يَنْبَغِي على الدُّعَاة والوُعَّاظِ أَلاَّ يَعْتَمِدُوا على آيَات الوَعِيد فَحَسْب، وألاَّ يُبَالِغُوا في تَخْوِيف النَّاس، وإنَّما عَلَيْهِم أن يُبَادِرُوا إلى فَتْح باب الرَّجَاء وَالطَّمَع في رَحْمَة الله؛ وَعَلَيْه فَإِنَّ الأَصْل في ذلك تَرْغِيبُهم وتَرْهِيبُهم فَيَجْمَعُون بين هذا وَهَذا، وَعَدَم اقْتِصَارِهِم على ذِكْر آيَات العَذَاب وَالوَعِيدِ، أو الاِقْتِصَار على ذِكْر آيَات الرَّحْمَة وَالثَّوَابِ، هذا هو المَطْلُوب من الدُّعَاة وَالوُعَّاظِ والآمرين بِالمَعْرُوف وَالنَّاهِين عن المُنْكَر.


الشرح