×
شرح أصول الإيمان

 بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وهذه الآْيَة جَاء تَفْسِيرُهَا في السُّنَّةِ. فَقَوْلُه تعالى: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ [سبأ: 23] يعني: الْمَلاَئِكَة إذا سَمِعْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ سبحانه وتعالى، فإنَّه يُصِيبَهُم فَزِعٌ وَخَوْفٌ من اللهِ جل وعلا؛ لأنَّ كَلاَمَه عَظِيمٌ تُرْعَد له السَّمَوَات، ولو أَنْزَل اللهُ الْقُرْآنَ على جَبَلٍ لَأَصْبَح خاشعًا متصدِّعًا من خَشْيَةِ الله.

فَكَلاَمُه سُبْحَانَه له هَيْبَةٌ وَعَظَمَةٌ وَجَلاَل، فإذا تَكَلَّم اللهُ بِالْوَحْي أَخَذَت السَّمَوَاتُ منه رَعدةٌ شَدِيدَة وهي جَمَاد، فإذا سَمِع ذلك الْمَلاَئِكَةُ صُعِقوا وَأَصَابَهُم غَشْيٌ وخرُّوا لِلَّه سُجَّدًا تعظيمًا له سبحانه وتعالى وَهَيْبَة من كَلاَمِه، وخوفًا من غَضَبِه.

هَذَا كَلاَمُ اللهِ الذي هو بين أَيْدِينَا الآْن ولا نُحرِّكُ مَعَه ساكنًا إذا سَمِعْنَاه أو قَرَأْنَاه وذلك لِقَسْوَة قُلُوبِنَا ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّه، فلو كانت الْقُلُوبُ حَيَّةً لأصابَها الْخَوْفُ وَالإِْجْلاَلُ وَالتَّعْظِيمُ لِكَلاَمِ اللهِ سبحانه وتعالى؛ قال تعالى: ﴿لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ [الحشر: 21] فالجبلُ أَلْيَنُ من قُلُوبِ بَنِي آدَم، وهذا من الْعَجَائِب.

لَكِن ما السَّبَبُ الذي جَعَلَ الْقُلُوبَ هَكَذَا؟

إنَّهَا الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي وَالْغَفْلَةُ عن ذكرِ الله، وَأَكْلُ الْحَرَامِ وَالاِشْتِغَالُ بالقِيلِ والقَالِ وَالضَّحِكِ والمِزاح، كلُّ هذه الأُْمُورِ من شَأْنِهَا أن تُقسِّيَ الْقُلُوب، فإذا سَمِعَتْ هذه الْقُلُوبُ كَلاَمَ اللهِ فَإِنَّهَا لا تَتَأَثَّرُ ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّه؛ مع أنَّ السَّمَوَاتِ على عِظَمِها تَرْعَد من كَلاَمِ الله، وَالْمَلاَئِكَة تُصعَق وَتَخِرُّ سَاجِدَةً لِلَّهِ جلَّ شَأْنُه عند سَمَاعِ كَلاَمه.


الشرح