بِأَشْيَاءَ ابْتَدَعُوهَا من عند أَنْفُسِهِم
وبمُحدثاتٍ أَحْدَثُوهَا، فَيَتْرُكُون السُّنَن وَيَعْمَلُون بِالْبِدَع وَالْمُحْدَثَاتِ.
وهذا شَيْءٌ وَاقِعٌ؛ فَنَجِد كثيرًا من هَؤُلاَء الآْن
لا يَلْتَفِتُون إلى السُّنَن وإنَّما يَحْرِصُون على الْعَمَل بِالْبِدَع، فلا
يُبالون بالسُّنَن وَالأَْوَامِرِ الإِْلَهِيَّةِ وإنَّما يَعْبُدُون الله على
حَسَب ما تَسْتَحْسِنُه أَهْوَاؤُهُم وما يَأْمُرُهُم به أَكَابِرُهُم
وَقَادَتُهُم، فهم يَفْعَلُون ما لا يُؤْمَرُون، وفي هذا بَيَان الفَرْق بين
السَّلَف والخَلَفِ، وهو أنَّ السَّلَف يتقيَّدون بِأَوَامِر الله وسُنَّةِ
رَسُولِه صلى الله عليه وسلم في أَقْوَالِهِم وَأَفْعَالِهِم وَأَخْلاَقِهِم فيتمثِّلون
الْكِتَاب والسُّنَّةَ ويتجنَّبون الْبِدَع والمُحدثاتِ، وأمَّا الخَلَف فعلى
الْعَكْس من ذلك، فهم يَتْرُكُون السُّنَن وَيَعْمَلُون بِالْبِدَع والمُحدَثاتِ.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ
مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ
بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ»، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» ([1]).
فَعَلَى أَصْحَاب السُّلْطَة مُجَاهَدَةُ هَؤُلاَء الْمُبْتَدِعَةِ وَأَصْحَابِ الضَّلاَل بِالْيَد ومَنْعُهم من هذه الأُْمُورِ، ومَن لم يَكُن عِنْدَه سُلْطَةٌ ولَدَيه عِلْمٌ فإنَّه يُجَاهِدَهُم بِاللِّسَان، وذلك بالرَّدِّ وَالتَّعْقِيب عَلَيْهِم وَبَيَانِ الْبَاطِل الذين يَعْمَلُون به، ومَن لم يَكُن عِنْدَه عِلْمٌ ولا سُلْطَةٌ فإنَّه يَكْرَهَهُم بِقَلْبِه وَيَتْرُكُ مَا هُمْ عليه.
([1])أخرجه: مسلم رقم (49).
الصفحة 2 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد