دون
رُجُوعٍ إلى مَصَادِر التَّفْسِير الصَّحِيحَةِ؛ ولهذا شدَّد صلى الله عليه وسلم
على من يُفسِّر الْقُرْآن بِغَيْر عِلْمٍ، وَذَكَر أنَّه اسْتَوْجَب دُخُول
النَّار فقال: «فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، وَجَاء في رِوَايَةٍ أنَّه قال: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بَرأْيِهِ
فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ» ([1])،
وَالْحَدِيث سَاقَه ابْنُ كَثِيرٍ في أَوَّل «تَفْسِيرِه»
وجوَّد إسْنَادَه ([2]).
ففي الْحَدِيثَيْن الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ على من يُفسِّر
الْقُرْآن بِغَيْر عِلْمٍ أو بِرَأْيِه؛ لأنَّ الْقُرْآن يُفسَّر بِأَرْبَعَة
أَشْيَاءَ ذَكَرهَا ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله في أَوَّل «تَفْسِيرِه»:
الأَْوَّل: تَفْسِير الْقُرْآن
بِالْقُرْآن؛ لأنّ كَلاَم الله يُفسِّر بعضُه بعضًا.
الثَّانِي: تَفْسِير الْقُرْآن
بالسُّنَّة النَّبَوِيَّةِ؛ لأنّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مُبيِّنٌ
لِلْقُرْآن، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَآ
إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾ [النحل: 44].
الثَّالِث: تَفْسِير
الصَّحَابَة رِضْوَان الله عَلَيْهِم؛ لأَنَّهُم تلقَّوا عن الرَّسُول صلى الله
عليه وسلم تَفْسِيرَ الْقُرْآن.
الرَّابِع: تَفْسِير التَّابِعِين،
لأَنَّهُم أَخَذُوا التَّفْسِير عن صَحَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وهناك طَرِيقَةٌ خَامِسَةٌ لِتَفْسِير الْقُرْآن
الْكَرِيم، وذلك بِاللُّغَة الْعَرَبِيَّة التي نَزَل بها.
فَأَوَّل ما يُبدأ به تَفْسِيرُ الْقُرْآن هو تَفْسِير بَعْضِه بِبَعْضٍ، فَإِن لم يُوجَد فمن السُّنَّة، وَإِن لم يُوجَد في السُّنَّة فإنَّه يُفسَّر بِتَفْسِير الصَّحَابَة، فَإِن لم
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3652)، والترمذي رقم (2952)، وأبو يعلى رقم (1520).
الصفحة 2 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد