قوله: «ومَنَّ عَلينا به» الإسلاَم
مِنَّةٌ من اللهِ سبحانه وتعالى، وإلا فاللهُ لا يَجِبُ عليه شيءٌ لأَحَدٍ، وإنما
هو يتفضَّل على عِباده بالإسلاَم، وبالنِّعَم، وبالعَافية، وبالأَرْزَاق.
قوله: «وأخرجَنا في خَيْر أمَّة»
أخذًا من قَوله تَعالى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ
أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110] فقوله: ﴿كُنتُمۡ﴾ هذا خِطاب
للمُسلمين، ﴿خَيۡرَ أُمَّةٍ﴾ أي خَير الأُمَم، و«الأُمَّة» المُراد بها الجَماعة، ﴿خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ
لِلنَّاسِ﴾ تَأمَّلْ قوله: ﴿لِلنَّاسِ﴾، فخَير هذه
الأُمَّة لا يَقتصر عليها، وإنما يتعدَّى للناسِ في الدَّعْوَة والجِهاد
والتَّعليم والإرشادِ.
لا يَكفي أن يتعلَّم الإنسَان ويَعْمَل في نَفسه ويَتْرُك الآخرينَ، بل
لابُدَّ أن ينشرَ الدعوةَ، ويَنشر العِلم، ويَنشر الخَيْر، ويَدعو إلى اللهِ،
ويَأمر بالمَعروف ويَنهى عن المُنْكَر، فيكُون عضوًا عاملاً في مُجتمع المُسلمين،
فقوله: ﴿أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ﴾ مَعناه: ما أُخْرِجوا لأنفسِهم فَقط، وإنما أَخْرَجهم
اللهُ للناسِ.
قوله: «فنسألُه التوفيقَ لما يُحِبُّ ويَرضى» الإنسانُ يسألُ اللهَ الثباتَ، ولو كَان يعرفُ الحقَّ، ويعملُ به، ويَعْتَقِده، فلا يأمنُ أن يزيغَ وأن يُفْتَن، بأن تأتيَ فِتَن وتَجْتَاحه، ويَضِلّ عن سَبيل اللهِ، ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2140)، وأحمد رقم (12107)، والطيالسي في «مسنده» رقم (1713).
الصفحة 3 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد