ولذلك حكمَ الأئمة بتكفير الجَهْمِيَّة، الذين قالوا: القُرآن مخلوقٌ،
فجَعلوا القُرآن - الذِي هو كلامُ اللهِ ووَحْيُه وتَنزيله - جعلُوه مخلوقًا مِثل
المَخْلُوقات، وقَالوا: اللهُ لا يتكلَّم، فشبَّهوه بالجَمَاد، والذي لا يتكلَّم
لا يكُون إلهًا، قالَ تعَالى: ﴿وَٱتَّخَذَ
قَوۡمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِنۡ حُلِيِّهِمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٌۚ
أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ﴾ [الأعراف: 148]،
فدَلَّ على أن الذِي لا يتكلَّم لا يكُون إلهًا، والجَهْمِيَّة يقولُون: اللهُ لا
يتكلَّم، إذًا ليس هو بإلهٍ تَعالى اللهُ عمَّا يقولونَ.
وفي سُورة طَهَ: ﴿أَفَلَا يَرَوۡنَ
أَلَّا يَرۡجِعُ إِلَيۡهِمۡ قَوۡلٗا وَلَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا﴾ [طه: 89] يعني
العِجْل، لو كلَّموه لا يَرجع إليهم الجَوَاب، فهل يَصلح أن يكُون إلهًا؟!
وقالَ إبراهيمُ عليه السلام لعَبَدَة الأَصْنَام: ﴿فَسَۡٔلُوهُمۡ
إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ﴾ [الأنبياء: 63]، قالُوا له: ﴿لَقَدۡ
عَلِمۡتَ مَا هَٰٓؤُلَآءِ يَنطِقُونَ﴾ [الأنبياء: 65]، قالَ لهم: ﴿قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ
ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمۡ شَيۡٔٗا وَلَا يَضُرُّكُمۡ ٦٦أُفّٖ لَّكُمۡ وَلِمَا تَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ٦٧﴾ [الأنبياء: 66- 67].
اللهُ جل وعلا يقُول: ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60]: وصفَ
نفسَه بأنه يقُول ويتكلَّم، فالذِي لا يتكلَّم ليس بإلهٍ، ولذلك كَفَّرَ كثيرٌ من
الأئمَّة الجَهْمِيَّة، دُون مُقَلِّديهم وأتباعِهم الذِين لم يتبيَّن لهم الحَقّ،
وإنما قلَّدوا عن جهلٍ، فهؤلاءِ فيهم نَظَرٌ، لا بُدَّ من البَيَان لهم، فإنْ
أصرُّوا فإنه يُحكَم بكُفْرِهم؟
الصفحة 5 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد