قالَ تَعالى: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن
ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾ [الزخرف: 36]،
انظرْ قوله: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن
ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾ هذا عقوبةٌ له، ﴿فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾ أي الشَّيْطَان ﴿وَإِنَّهُمۡ
لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ [الزخرف: 37] يَحسب
الأَتْبَاع أنهم مُهتَدون، فلم يَنفعْهم ذلك، ولا عُذْرَ لهم فيه، لأنهم
بَلَغَتْهم دعوةُ الرُّسُل فلم يَقْبَلُوها.
وإنما العُذْر يكُون في المَسَائِل الاجتهاديَّة التي يَسُوغ فيها
الاجتهادُ، فيَجتهدُ الإنسانُ، ويَبذُل وُسْعَه وطاقتَه في البَحْث حتى يظنَّ أن
هذا هو الحَقّ، فهذا مَعذورٌ لقَوْلِه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا
اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([1]). هذا في المَسَائِل
الاجتهاديَّة، أما المَسَائِل التَّوْقِيفِيّة وهي أمورُ العَقيدةِ فليس لأحدٍ أن
يَجتهد فيها، بل الوَاجِبُ اتباعُ الدليلِ، ولا مَجالَ فيها للاجتهادِ.
قوله: «وَلاَ فِي هُدًى تَرَكَهُ
حَسِبَهُ ضَلاَلَةً» ليس الأمرُ على الحُسبان والظنِّ، فيأخُذ ضلالةً
يَحْسَبُها هدًى، أو يَتْرُك حقًّا يظنّه ضلالةً، ظنُّه لا يَشْفَع له، لأن
الهُدَى والضَّلاَل قد بيَّنهما اللهُ في القُرآنِ، وبيَّنهما الرسُول صلى الله
عليه وسلم في السنَّة، وبيَّنهما السَّلَف في سِيرتهم وعَقيدتهم، فالحَقُّ واضحٌ
وللهِ الحَمْد.
ومن رَحْمَة اللهِ أن الحَقّ واضحٌ من الكِتاب والسنَّة وهَدْيِ السَّلَف الصَّالِح، ليس فيه غموضٌ ولا لَبْسٌ، كما حصلَ للأُمَم السَّابِقة لما طالَ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد