والرسول صلى الله عليه وسلم ما تركَ شيئًا إلا وبيَّنه لأُمَّته، حتى قالَ
بعضُ الصحَابة: «تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ إِلاَّ
ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا» ([1]).
ما تركَ شيئًا مما تَحْتَاجه البشريَّة، مما يُقرِّبها إلى اللهِ،
ويُبْعِدها عن الكُفْر والضَّلال إلا بيَّنه، وقد قالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ
تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي» ([2]).
تركَ أُمَّته على البَيْضَاء لَيْلُها كنَهَارِها، ولما أَكْمَلَ اللهُ به
الدِّين، وأَتَمَّ به النِّعْمَة انتقلَ إلى جِوار رَبِّه، بعدما بلَّغ البَلاَغ
المُبين، وأَوْضَح السنَّة لأصحابِه وقالَ في خُطبةِ حِجَّة الوَدَاع: «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟»، قَالُوا:
نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ([3]).
قوله: «وهم الجَماعة، وهم السّوَاد الأعظم» أصحَابه صلى الله عليه وسلم هم الجَماعة، أي: هم أَصْل الجَماعة، ثم الَّذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([4]) الصحَابة، والتابعُون، وأتبَاع التابعِين، وهم القُرون المُفضلة، هؤلاء هم الجَماعة، ومَن جَاء بَعدهم فهو تَابع لهم، يَتبع الأَصل الَّذي عليه صَحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾ [التوبة: 100].
([1]) أخرجه: البزار رقم (3897).
الصفحة 6 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد