×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 قوله: «فإنه لا حُجَّة لك، فقد بَيَّن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لأمَّته السنَّة، وأَوْضَحَها لأصحابِه» لا حُجَّة لمن خالفَ واتَّبع هَوَاهُ، لأنه ضَلَّ بعد البَيَان، وبعد العِلْم: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ [الجاثية: 23]: ليس جاهلاً، بل يَعْرِف الكتابَ والسنَّة، ويَعْرِف أقوالَ أهلِ العِلْم، لكنها لا توافِقُ هَوَاهُ، فيَتْرُكها ويَأْخُذ ما يُوَافِق هَوَاه، هذا هو الضَّلاَلُ والعِياذُ باللهِ.

فاتِّباع الهَوَى خطيرٌ جدًّا، فعلى الإنسَان أن يَحْذَرَ من اتِّباع الهَوَى، قالَ اللهُ جل وعلا لنبيِّه داودَ عليه الصَّلاة والسلاَم: ﴿يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ [ص: 26].

ولابن الجَوْزِيِّ رحمه الله كتابٌ في مُجَلَّدٍ ضَخْم اسمه «ذَمُّ الهَوَى»: أَوْرَدَ فيه من الأدلَّة، وأقوالِ أهل العِلم، والحِكَم التي تحذِّر من اتِّباع الهَوَى.

فالواجبُ على الإنسانِ أن يَحْذَر من هَوَاه، فإنه قد يَسْلم من عِبادة الأصنامِ والأَحْجَار والأَشْجَار والقُبور، ويَعْرِف التوحيدَ ويَعْرِف السنَّة، لكن لم يَسْلَمْ من اتِّباع هَوَاه، وهذه مُصيبة عظيمةٌ.

فعلى المسلم أن يحذرَ من اتباع هواه، ويكون هواه تبعًا لما جاء عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحَديث قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ» ([1])، صحَّحه النووي في «الأَرْبَعِينَ»، وقال: رَوَيْنَاه في كِتاب «الحُجَّة» بإسنادٍ صحِيح.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي عاصم في «السنة» رقم (15)، وابن بطة في «الإبانة» رقم (279).