×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 ليستْ بدعًا شرعيَّة، لكن المُحدَثات في الدينِ هي البدعُ المحرَّمة، وهذا فيه ردٌّ على الذين يقسِّمون البدعَ إلى: بدعٍ حسنةٍ، وبدعٍ سيئةٍ، وبدعٍ مباحةٍ، ويقولون تَعتريها الأحكَام الخَمسة، فهذا غلطٌ، لأن البِدع في الدّين كُلها ضَلالة، بنَص الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».

وأظنهم أَدْخَلوا البِدع اللُّغوية وسمَّوْها بدعًا حَسنة، والبِدع اللُّغوية مُباحة مثل بِناء المَدارس وبِناء الأربِطة لطَلبة العِلم، ومِثل نَقْط المَصاحف، ونحوها سمَّوْها بدعًا حسنَة، وهذه ليستْ بدعًا، هذه تابعةٌ للسُنن، إِحياء للسُنن، فبِناء المَدارس والأربِطة لطَلبة العِلم، وطَبع المَصاحف ونَقطها، هذه كُلها من الإعَانة على العِلم، فهي حَسنة، وهي سُنن، فهم إما أخذوا السنَن الحَسنة وسمَّوها بدعًا، وإما أنهم سَمّوا الأمورَ العَادية بدعًا، وهي لا تَدخل في الدينِ، لأنها من أمورِ الدنيا فلا تدخلُ في الدينِ.

قوله: «والضلالَة وأَهلها في النارِ» كما في الحديث: «وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ» ([1])، وكما في حديث الفِرَق: «وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً» ([2]) فهذا دليلٌ على أن أهل البِدَع يكونونَ في النارِ ويتَفاوتون، منهم من يكُون في النار لكُفره، ومنهم من يكُون في النَّار لمَعصيته، منهم من يُخلَّد في النار، ومنهم من لا يُخلَّد، ويكون حُكمه حكمَ أصحابِ الكَبائر.


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي رقم (1578)، والطبراني في «الكبير» رقم (8521).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).