×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

وقال تعالى: ﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ [ق: 35]، والمَزِيد هو: النظرُ إلى وَجْه الله سبحانه وتعالى.

وجاء في سُورة القِيامة: ﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ ٢٢إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ ٢٣ [القيامة: 22- 23]، ناضرةٌ بالضادِ من النُّضْرَة، وهي البَهَاء، ﴿تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِيمِ [المطففين: 24] ﴿إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ [القيامة: 23] بالظاء، أي: بأبصارِها تنظرُ إلى الله جل وعلا، يتنعَّمون بذلك أشدَّ مما يتنعَّمون بنَعيم الجنّة، هذا في القُرآن الكَريم.

في سُورة المُطفِّفين قالَ في الكُفَّار: ﴿كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ [المطففين: 15] مَحْجُوبون عن رُؤْيَة الله، فإذا كان الكُفَّار مَحْجُوبِين عن رُؤية الله فهذا دَلِيل على أن المُؤمنين يَرَوْن رَبّهم عز وجل، وذلك لأن المُؤمنين آمنوا به في الدُّنيا ولم يَرَوْه، بل اعتمَدوا على البَرَاهين فآمنوا به، وصَدَّقوا رُسله، فآمَنوا به ولم يَرَوْه في الدُّنْيا؛ فأكرمَهم اللهُ في الجَنَّة فتَجَلَّى لهم ورَأَوْه عَيانًا، لما آمَنوا به في الدُّنيا ولم يَرَوْه، وأما الكُفَّار لما كفرُوا به في الدُّنْيا حَجَبَهم الله عن رُؤْيَته يومَ القِيامة جَزاء لَهم، ﴿جَزَآءٗ وِفَاقًا [النبأ: 26].

ومن الشُّبَه التي اعتمدَ عليها المُعْتَزِلة ومن قالَ بقَوْلِهم: أن اللهَ قال لمُوسى ﴿قَالَ لَن تَرَىٰنِي، في قَوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الأعراف: 143] قالوا: وهذا دليلٌ على أنَّ اللهَ لا يُرَى.


الشرح