نقول: نَعَمْ هذا في الدُّنيا، لأن الوَاقِعة هذه حَصَلَتْ في الدُّنيا،
نحن مُتَّفِقون على أن اللهَ لا يُرَى في الدنيا، فمُوسى سأل أن يَرَاه في
الدُّنيا، قال الله جل وعلا: ﴿قَالَ لَن
تَرَىٰنِي﴾ يعني في الدُّنيا، والنَّفْي بـ ﴿لَن﴾ لا يَقتضي
التَّأْبِيد، بل هو نَفيٌ مُؤقَّت، فهو ﴿قَالَ لَن
تَرَىٰنِي﴾ يعني: لن تَرَاني في الدنيَا، وفي لُغة العَرَب أن
النفيَ بـ ﴿لَن﴾ لا يقتضِي
التَّأْبِيد، ولهذا يقولُ ابنُ مالكٍ في «الكافِية
الشافِية» في النحو:
وَمَنْ يَرَى النَّفْيَ بِـ«لَنْ» مُؤَبَّدًا **** فَقَوْلُهُ
ارْدُدُ وَسِوَاهُ فَاعْضُدَا
أي أن ﴿لَن﴾ لا تَقتضي النفيَ
المُؤبَّد. والدليلُ أيضًا: أن اللهَ قال في اليَهُود: ﴿قُلۡ إِن كَانَتۡ
لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ
فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٩٤وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا
قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ٩٥﴾ [البقرة: 94- 95]،
مع أنه جاءَ أنهم في الآخِرة يتمنَّون المَوْت ليَسْتَرِيحوا من العَذَاب، قال
تعالى: ﴿وَنَادَوۡاْ
يَٰمَٰلِكُ لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّٰكِثُونَ﴾ [الزخرف: 77]،
طَلبوا المَوت؛ فدلَّ على أن ﴿لَن﴾ ليستْ للنفيِ
المُؤبَّد: هذا هو مُقتضى اللغةِ العربيةِ، وهو مُقتضى ما دلَّ عليه القُرآن.
قالوا أيضًا: مما يدلُّ على أن اللهَ لا يُرَى، قوله: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ
وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 103].
نقول لهم: هذا لَيس نفيًا للرؤيَة، وإنما هو نفيٌ للإدراكِ، ما قالَ: لا
تَراه الأبصَار، قال: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ ونفيُ الإدراكِ
غيرُ نفيِ الرؤيةِ، فالأبصَار تَراه لكِنها لا تُدْركه، يَعني لا تُحيط به،
فالإدرَاك هو: الإحَاطة بالله جل وعلا، فَهُمْ وإن رَأَوْه في الجَنة لا يُحيطون
به سبحانه وتعالى.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد