×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 فإنه يَتَلَعْثَم في القَبر، ويَعجز عن الجَواب، عندما يُسأل عن هذه المَسائل يَتَلَجْلَج، ويقول: «هَا هَا لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ، وَيَأْتِيهِ مِنْ سَمُومِهَا وَحَرَّهَا، وَيُفْرَشُ لَهُ فِرَاشٌ مِنَ النَّارِ» ([1]).

فعذابُ القبرِ أو نَعيمه ثابتانِ في الكِتاب والسنَّة قال صلى الله عليه وسلم: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» ([2]) فكان صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ من عذابِ القبر ([3]).

وفي القرآن إشاراتٌ إلى عذابِ القَبر قال تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ [السجدة: 21] قالوا: هذا عذابُ القَبر، وقيل: عَذاب الدنيَا.

وفي قوله تعالى في فِرعَوْن وقَوْمه: ﴿ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ [غافر: 46] يُعرَضون عليها غدوًّا وعشيًّا هذا في القَبر، لما ماتوا صَاروا يُعرَضون على النَّار غدوًّا وعشيًّا، فإذا قَامت القيامةُ يُقال: ﴿أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ [غافر: 46].

وقال تعالى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا [طه: 124]، قالوا: ﴿مَعِيشَةٗ ضَنكٗا في القَبر، والعِياذُ باللهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (18534)، والطيالسي رقم (789)، وابن المبارك في «الزهد» رقم (1219).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1311)، ومسلم رقم (588).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (1002)، ومسلم رقم (584).