ويأتونَ إلى مُوسى
فيَعْتَذِر، ويأتونَ إلى عِيسى فيَعْتَذر، ويأتونَ إلى مُحمَّد صلى الله عليه وسلم
فيقول: «أَنَا لَهَا، ثُمَّ يَأْتِي
وَيَخِرُّ سَاجِدًا تَحْتَ العَرْشِ»؛ لأنه لا يَشفعُ لأحدٍ إلا بإذنِ الله.
فهو يَخِرّ ساجدًا ويدعُو ربَّه حَتى يُقال له: «يَا مُحَمَّدُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ،
فَيَأْذَنُ اللهُ لَهُ بِالشَّفَاعَةِ، فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ المَحْشَرِ» ([1]) في أن يَنْتقلوا من
المَحْشر إلى الحِساب، وهَذه هي الشَّفاعة العُظْمَى الَّتي فضَّله اللهُ بها عَلى
الخَلْق، قالَ تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ
فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا
مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79]، المَقام المَحْمُود: هو الشَّفاعة
العُظْمَى، وفي الدُّعاء الذِّي يُقال بعدَ الأذانِ: «آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا
مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ» ([2])، هذه الشَّفاعة
العُظْمَى.
وكذلك يَشفع في أهلِ الكَبائر من الأمّة، يَشفع فيهم صلى الله عليه وسلم؛
إما ألاَّ يَدخلوا النارَ، وإما أن يَخرجوا منها إذا دَخلوها، فيَشفع فيهم صلى
الله عليه وسلم، وهَذه لَيست خَاصّة به، فهو يَشفع، وجَميع الأنبياءِ يَشفعون،
والأولياءُ يَشفعون، والأَفْرَاط - وهُم الذين مَاتوا صغارًا - يَشفعون في أهلِ
الكَبائر، خلافًا للجَهْمِيّة والمُعْتَزِلَة والخَوَارِج.
والخَوَارِج: هم الذِين يَخْرُجون على الأئمَّة - أئمة المُسلمين - بالسَّيْف، ويَشُقُّون عَصَا الطاعة، وأيضًا الذين يُكَفِّرون المُسْلِم بالكَبَائِر
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4206)، ومسلم رقم (193).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد