كذلكَ عِيسى عليه السلام بَشَّرَ بمُحمَّد صلى الله عليه وسلم قالَ تَعالى:
﴿وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ
مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا
لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ
بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ﴾ [الصف: 6].
ومن هُو الرسُول الَّذي جاءَ بعدَ عِيسى؟ لم يَأْتِ بعدَ عِيسى رسُولٌ
إلاَّ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، واسمُه أحمدُ، واسمُه مُحمدٌ، وله أَسْمَاء
كثيرةٌ؛ فالذِي يَكْفُر بعِيسى كَافرٌ بالجَميع، والذِي يَكْفُر بمُحمدٍ صلى الله
عليه وسلم كافرٌ بالجَميع، ولهذا قالَ جل وعلا: ﴿كَذَّبَتۡ
قَوۡمُ نُوحٍ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الشعراء: 105].
مع أن أوَّل الرُّسُل نُوحٌ وهم كذَّبوا نوحًا، لكن قالَ: كذَّبوا
المُرسلين يعني الذِين جَاؤوا من بعده، لأن مَن كذَّب برسُولٍ فهو مُكذِّب بجَميع
الرُّسُل: ﴿كَذَّبَتۡ عَادٌ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الشعراء: 123]، ﴿كَذَّبَتۡ ثَمُودُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الشعراء: 141]، ﴿كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لَۡٔيۡكَةِ
ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الشعراء: 176].
فالذِي يَكفُر بواحدٍ هو كافرٌ بالجَميع: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ
وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن
يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ١٥٠أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ
وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ١٥١﴾ [النساء: 150- 151]
مع أنهم يُؤمِنون ببعضٍ، لكن لا يَكْفي الإيمَان بالبَعْض، لابُدَّ من الإيمانِ
بالجَمِيع لأنهم كُلّهم رُسُل اللهِ، وكُلّهم جَاؤوا مِن عِند اللهِ سبحانه وتعالى،
يُبَشِّر أوَّلهم بآخِرهم، ويُؤمِن آخرُهم بأوَّلهم عَليهم الصَّلاة والسلامُ.
هذا مذهبُ المسلمينَ وأهلُ السنَّة والجَمَاعة.
الصفحة 5 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد