×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قوله: «بَقاؤهما مع بقاءِ اللهِ أَبَدَ الآبدينَ» بقاؤهما مع بَقاء الله، وبقَاء الله لا نهايةَ له، فكَذلك بقاءُ الجَنة والنَّار لا نهايةَ لهما، ولا تَشَابُهَ بين البَقَاءَيْنِ والأَبَدِيَّتَيْن، كسائرِ الصّفات.

قوله: «ودَهْر الداهرينَ»: «دَهْر الداهرينَ» تأكيدٌ.

قوله: «وآدمُ عليه السلام كان في الجَنة البَاقية لمَخلوقاته» لما خَلق اللهُ آدمَ - وحصلَ ما حَصل من إكرامِ اللهِ لَه، وإظهارِ فَضْله على المَلائكة - حَسَدَه إبليسُ على ذلك وأَبَى أن يَسْجُد له: عَصَى الله عز وجل من بَاب الحَسَد والكِبْر، الله جل وعلا قال لآدمَ: ﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا [البقرة: 35] فالله أسكنَهما الجَنة إكرامًا لهما، وهذه الجَنة في السَّماء.

ثم لما حصلَ من إبلِيس مع آدمَ مِن إغواءِ آدمَ وأَكْلِه من الشَّجرة التي نُهِي عنها؛ أهبطَ اللهُ آدمَ وأهبطَ إبليسَ إلى الأرضِ: ﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ [البقرة: 38] فهَبطوا إلى الأرضِ، وقد غَفَرَ الله لآدمَ لأنه تابَ إلى اللهِ هو وزَوْجُه: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الأعراف: 23]، ﴿فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ ١٢١ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ ١٢٢ [طه: 121- 122] فتابَ آدمُ وحَوَّاء عليهما السلام إلى اللهِ فتابَ الله عليهما، أما إبليسُ فإنه استمرَّ في غَيِّه ولم يَتُبْ، ولذلك طَرَدَه اللهُ من رَحْمَتِه ولَعَنَه، وجَعَلَه قَوَّادًا لكل شرٍّ.

قوله: «فأُخْرِج منها بعدَما عَصَى اللهَ عز وجل » إخراجُه من الجَنة عقوبةٌ له على مَعْصِيته، لكنه تابَ إلى اللهِ عز وجل كما ذَكَر اللهُ ذلك في القُرآن.


الشرح