قالَ
المؤلِّف رحمه الله: ثم أَفضل الناسِ بعد هَؤلاء: من صَحِب رسولَ الله صلى الله عليه
وسلم يومًا أو شهرًا أو سنةً أو أَقلّ من ذلك أو أكثرَ، نترحَّم عليهم، ونَذكُر فضلَهم،
ونَكُفّ عن زَلَلهم، ولا نَذكُر أحدًا منهم إلا بالخَيْر، لقَول رسُول الله صلى الله
عليه وسلم: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» ([1]).
وقال
سُفيان بن عُيَيْنة: «مَنْ نَطَقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
بِكَلِمَةٍ فَهُوَ صَاحِبُ هَوًى»..
**********
الصُّحْبَة تتفاضَل: منها صحبةٌ كثيرةٌ ومُلازمةٌ للرسُول صلى الله عليه
وسلم طويلةٌ أو من صُحبةٍ قَليلةٍ، لكنَّ صاحبَها له فضلُ الصحبةِ ولو كَانت
صُحبته قَليلة.
قوله: «نترحَّم عليهم ونَذكُر فضلَهم
ونَكُفّ عن زَلَلهم» حَقهم علينا: أننا نترضَّى عنهم، ونترحَّم عليهم، ونَقتدي
بهم، ونُثْنِي عليهم، ونَكُفّ أَلسنتنا عن الطَّعن فيهم أو في أحدٍ منهم، أو أن
نخوضَ فيما جَرَى بينهم من الفِتنة والحُروب، لأن كُل واحدٍ منهم مُجتهد؛ فمنهم
مُجتهد مُصيب له أَجران، ومنهم مجتهدٌ أخطأَ وله أجرٌ واحدٌ، والخَطأ مغفورٌ، ثم
أيضًا لهم من الأعمَال الجَليلة ما يُكفِّر ما يَحصل من بعضِهم من الخَطأ.
قوله: «ولا نذكُر أحدًا مِنهم إلا بالخَيْر» لأنهم يُرِيدون الحَق واجتَهدوا، وكُل منهم عَمل باجتهادِه فمنهم من هو مُصيبٌ،
([1]) أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (1427)، والحارث في «مسنده» رقم (742).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد