قوله: «والسمعُ والطاعةُ للأئمَّة فيما
يُحِب اللهُ ويَرضى» بهذا القَيْد فيما يُحِب اللهُ ويَرضى، أما المَعصِية فلا
يُطَاعُون فيها، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ
طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ([1])، وقالَ عليه الصلاة
والسلام: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي
المَعْرُوفِ» ([2])، وليس مَعنى ذلك
أنه إذا أَمَرَ وَلِيُّ الأمرِ بمعصيةٍ من المَعاصِي أنها تَنْخَلِع إمامتُه، بل
إنه لا يُطَاع في هذه المَعْصِية، ولكن يُطَاع فيما ليس فيه مَعْصِية، وتَبْقَى
ولايتُه، ويُطاع فيما ليس بمَعصيةٍ.
قوله: «ومن وُلِّي الخِلافة بإجماعِ
الناسِ عليه، ورِضاهم به؛ فهو أميرُ المُؤمنين» هذا بيانٌ بما تَنْعَقِد به
الإمامَة، فإن الإمامةَ تَنعقد بأحدِ أمورٍ:
الأمر الأول: ما ذكرَه المؤلِّف، وهو من اختارَه المُسلمون،
والمُراد بالذين يَختارون الإمامَ هم أهلُ الحَلِّ والعَقْد من العُلماء والأُمَراء
وأصحَاب السِّيَاسة، وأُمَراء الأَجْنَاد، وليس مَعناه أن اختيارَ الإمَام لكُل
أحدٍ من الصِّبْيان والنِّسَاء والحَضَر والبَدْو، لأن النَّاس تَبع لأهلِ الحَلّ
والعَقْد.
فإذا اختارَ أهل الحَلّ والعَقْد إمامًا؛ وَجَبَ على البَقِيّة أن يُطيعوه، وهذا كما حَصل في خِلافة أبي بكرٍ الصِّديق، فإن الصحَابة بعد وَفاة رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجمعُوا على بَيْعة الصدِّيق، فكانتْ بَقِيّة الأمَّة تابعةً لمَن اختارَ الصِّديق، ولم يُفتَح المَجالُ لكُل أحدٍ ليُشارك في الاختيَار،
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1095)، والبزار رقم (1988)، والطبراني في «الكبير» (381).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد