لأن هذا اختصَاص أَهل
الحَلّ والعَقْد، فالمُسلمون اختارُوا أبا بكرٍ رضي الله عنه أَفْضلهم، وهذا
اختيارٌ له أدلَّة من سنَّة الرسُول صلى الله عليه وسلم:
أولها: أن أبا بكرٍ أفضلُ الصحَابة على الإطلاَق، ما خالفَ في هذا أحدٌ.
وثانيًا: أن الرسُول صلى الله عليه وسلم أعطَى إشاراتٍ باستخلافِه منها: أنه في
مَرَض مَوْته قَدَّمه للصلاَة ليَؤُمَّ المُسلمين في مِحراب رسُول الله صلى الله
عليه وسلم ([1])، ويَقِف مَوْقف
رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه إشارةٌ إلى أنه هو إمامُهم في الخِلافة، كما
هو إمامُهم في الصَّلاة، فاختاروا أبا بكرٍ رضي الله عنه، وقالُوا: أَيَرْضَاك
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لدِيننا، ولا نَرْضَاك لدُنيانا؟! وانعقدتْ
بَيْعته، وأجمعَ الصّحابة على ذلك من بَاشر الاختيارَ ومن لم يُباشِر فهو تَبع،
والمُسلمون جماعةٌ واحدةٌ ويَد واحِدة.
الأمر الثاني: ولما حَضرت أبا بكرٍ الوَفاة اختارَ عُمر بن الخَطاب
وعيَّنه بدلاً عنه، فسَمع المُسلمون وأطاعُوا، وهذه هي الطرِيقة الثانية من طُرُق
ثُبوت الإمامَة، وهو أن يَختار وَلِيُّ الأمرِ وليًّا للعَهْد يخْلفه بعد مَوته -
كما فعلَ أبو بكرٍ حيث اختارَ عمرَ رضي الله عنه -.
الأمر الثالث: إذا تغلَّب واحدٌ من المُسلمين، وأخضعَ الناسَ لإمارتِه فإنه يكُون أميرًا وإمامًا لهم، مثل ما حصلَ من عبدِ المَلِك بن مَرْوان، فإنه لما حصلَ الاختلافُ بعد وَفاة يَزِيد بن مُعَاوِية، فإن عبدَ المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم قامَ بالأمرِ، وكان رجلاً شهمًا حازمًا قويًّا ونفعَ اللهُ به،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (633)، ومسلم رقم (418).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد