وانعقدتْ بيعتُه، وسَمع المُسلمون له، وأطاعُوا، فكان في ذلك الخَيْر
للمُسْلِمين.
فهذه هي الطُّرُق التي تَثْبُت بها ولايةُ الإمامِ؛ إما باختيارِ أهلِ
الحَلّ والعَقْد، وإما بأن يَعهد السابقُ للاحقٍ، وإما أن يتغلَّب واحدٌ من
المُسلمين حينما يكونُ لهم إمامٌ، ويَخضع الناسُ له، ويَنقادوا له، فلا يَجوز
لأحدٍ أن يَشُق العصَا.
وقوله: «بإجمَاع المُسلمين»
لا تَفْهَم من هذا أنه لابُد من اختيارِ المُسلمين كُلهم، ولكن يَحصل ذلك بإجمَاع
أهلِ الحَلّ والعَقْد، كالحَاصل في عَهْد أبي بكرٍ رضي الله عنه، وكالحَاصل في
خِلافة عثمانَ رضي الله عنه، فإن الذِين اختارُوه هم أَهل الشُّورَى، وهم
البَاقُون من العَشرة المُبَشَّرين بالجَنة، اختارُوه فتثبتُ إمامتُه، ولم يَعترض
أحدٌ على ذلك، بل أجمعُوا على إمامةِ عُثمان رضي الله عنه.
قوله: «لا يَحِلّ لأحدٍ أن يَبيت ليلةً
ولا يَرى أن ليسَ عليه إمامٌ، برًّا كانَ أو فاجرًا» هذهِ مَسألة مهمَّةٌ
جدًّا وهي أنه لا يَجوز للإنسانِ أن يَخرُج عن جَماعة المُسلمين، ويَشُقّ عصَا
الطاعةِ فإنه إن فعلَ ذلك «وَبَاتَ
لَيْلَةً وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ» يعتقدُ إمَامَته، فهذا «قَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ» ([1]).
بمَعنى أنه كان مع المُسلمين ومرتبطًا مع المُسلمين، فلما خَرَجَ عن طَاعة الإمَام فإنه قَطَعَ الارتباطَ بالمُسلمين،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4758)، والترمذي رقم (2863)، وأحمد رقم (17170).
الصفحة 4 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد