×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

أَمَّا ذبائِحُ الوَثْنيِّين والكفَّارِ والدَّهْرِيِّين والمُرْتدين فنحن لا نَأْكُلُها؛ لأَنَّها ذبيحةُ كافرٍ وهي نجسةٌ، لأَنَّ ذبيحةَ الكافرِ مَيْتةٌ فهي نجسةٌ بالكفر؛ لأَنَّها تتأَثَّر بالذَّابح فتكون خبيثةً لأَنَّ ذابحَها خبيثٌ فتتأَثَّر به، وكونُ اللهِ جل وعلا أَباح لنا ذبائِحَ أَهْلِ الكتاب خاصةً دليلاً على تحريم ذبائِحِ غيرِهم.

قوله: «والصَّلاةُ عليهم» يُصلَّى على كلِّ مسلمٍ، حتى ولو كان فاسقًا وعاصيًا أَوْ منافقًا لم يظهر نفاقُه ما دام أَنَّه لم يخرج من الإِسْلام، فإِنَّه يُصلَّى عليه، ويُدْعَى له، ويُسْتَغْفَرُ له، ويَرِثُ قريبَه المسلمَ، ويَرِثُه قريبُه المسلمُ.

قوله: «ولا نشهد لأَحدٍ بحقيقة الإِيْمان حتى يَأْتيَ بجميع شرائِع الإِسْلام» أي: لا نُزكِّي أَحَدًا بأَنْ نقولَ: فلانٌ مؤمنٌ؛ لأَنَّ الشَّهادةَ له بأَنَّه مؤمنٌ شهادةٌ قد لا يستحقُّها، ولهذا لما قال رَجُلٌ للنَّبي صلى الله عليه وسلم أَعْطِ فُلاَنًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوْ مُسْلِمٌ» ثُمَّ قَالَ: أَعْطِ فُلاَنًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوْ مُسْلِمٌ» ([1])، فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يريد بِهذا أَنَّ الإِنْسانَ لا يُزكِّي أَحدًا، إِنَّما يعطيه الاسمَ العامَ، فيقول: هو «مُسْلِمٌ»، قد يكون مسلمًا متمكنًا من الإِسْلام، وقد يكون مسلمًا عنده فِسْقٌ، وعنده معاصٍ ونقصٍ، وقد يكون منافقًا، فأَنْتَ لا تشهد له بالكمال.

قوله: «فإِنْ قصَّر في شيءٍ من ذلك كان ناقصَ الإِيْمان حتى يتوبَ» عقيدةُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ أَنَّ المعاصي وإِنْ كانت معاصيه كبائِرَ ما دامت دون الشِّرْك فإِنَّها لا تُخْرِجُ المسلمَ من الإِسْلام، أَوْ لا تُخْرِجُه من دَائِرَةِ الإِيْمان، وإِنَّما يكون مؤمنًا بإِيْمانه فاسقًا بكبيرتِه، أَوْ تقول: هو مؤمنٌ ناقصُ الإِيْمان.


الشرح