والمراد بآثارِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: الأَحاديثُ.
وقوله: «أَوْ يردُّ شيئًا
من آثارِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم » أَيْ: فإِنَّه يُكفَّر، وهذه
قاعدةٌ عظيمةٌ عند أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، يخالفون بها فِئَتَيْنِ:
الفِئَةِ الأُوْلَى: الخوارجُ، والغُلاَةُ، الذين يُكفّرون بالكبائِر التي
دون الشِّرْك.
الفِئَةِ الثَّانية: فِئَةُ المُرْجِئَةِ الذين يقولون: لا يضرُّ مع
الإِيْمان معصيةٌ، ما دام الإِنْسانُ مؤمنًا بقلبِه، فإِنَّه لا يضرُّه شيءٌ من
المعاصي، ولو ترك الأَعْمالَ كلَّها ولم يعملْ شيئًا، فإِنَّه مؤمنٌ كاملُ
الإِيْمان.
أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ فكما ذكر المُؤَلِّفُ: أَنَّهم وَسَطٌ
بين الطَّائِفتين؛ فيقولون: الكبائِرُ تختلف: إِنْ كانت من الشِّرْك أَوِ الكفرِ
الأَكْبرينِ فإِنَّها تُخْرِجُ من المِلَّةِ بالإِجْماع، وأَمَّا إِذا كانت ليست
كفرًا ولا شِرْكًا، وليست تكذيبًا لكتابِ اللهِ ولا لسُنَّةِ رَسُولِ الله، ولا
تركًا للصَّلاة، ولا دعاءً لغيرِ الله، أَوْ ذبحًا لغيرِ الله، وإِنَّما هي كبيرةٌ
دون ذلك، فهذه لا يخرج بها العبدُ من الإِسْلام خلافًا للخوارجِ والمعتزلةِ،
ولكنَّها تضرُّ المؤمن، وتُنقص إِيْمانَه، وتضعفه، خلافًا للمُرْجِئَة؛ الذين
يقولون: لا يضرُّ مع الإِيْمان معصيَّةٌ. فهذا هو المذهبُ الوَسَطُ الذي يحصل به
الجمعُ بين نصوص الوَعِيْدِ ونصوصِ الوَعْد.
الخوارجُ والمعتزلةُ أَخَذُوا بنصوص الوَعِيْدِ، وتركوا نصوصَ الوَعْد.
المرْجِئَةُ على العكس: أَخذوا بنصوص الوَعْد، وتركوا نصوصَ الوَعِيْد. فكلا
الطَّائِفتين ضالٌّ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد