×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

«بِهَواكَ» أَيْ: لا تُفسِّرُها بدون عِلْمٍ، أَمَّا إِنَّك تُفسِّرُها بموجب الأَدِلَّة، وردِّ المتشابه إِلى المُحْكَمِ فهذا لا بَأْسَ به، أَمَّا الإِنْسانُ المبتدئُ أَوِ الجاهلُ فلا يتدخَّل في هذه الأُمورِ العظيمةِ والمسائلِ العظيمةِ، لأَنَّ هذا غلطٌ وخطرٌ كبيرٌ.

وأَنَا أَرَى كثيرًا من الشَّباب المتعالمين تَجَرَّؤُوا على مسائِل العقيدة، وصاروا يجترون منها أَشْياءَ ويتكلَّمون فيها، ويتعادون فيما بينهم، ويتقاطعون فيما بينهم إذا اختلفوا. يا إخوان ما كلَّفكم اللهُ بهذه الأُمورِ، عليكم أَنْ تسيروا على منهج السَّلف، وتقولوا بقولهم، كتبُ العقائِد محرَّرَّةٌ وللهِ الحمدُ ومطبوعةٌ ومصحَّحةٌ ومدروسةٌ ومُنْضبطةٌ، فلا تحدَّثوا أَشْياءَ من عندكم وأَفْهامًا من عندكم، كفيتم هذا الأَمْرَ.

قوله: «فإِنَّ الإِيْمانَ بهذا واجبٌ» الإِيْمانُ بأَسْماءِ الله وصفاتِه وأَفْعالِه واجبٌ مفترضٌ على العبد.

ومن الإِيْمان بالله: الإِيْمانُ بأَسْمائِه وصفاتِه على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، فالذي يتدخَّل في أُمورِ الأَسْماءِ والصِّفاتِ إِمَّا بتعطيلٍ، وإِمَّا بتمثيلٍ، وإِمَّا بتفويضٍ، وإِمَّا بتفسيرٍ من عنده؛ فهذا لم يُؤْمنْ بالله الإِيْمانَ الحقيقيَّ، وإِنَّما إِيْمانُه ناقصٌ.

قوله: «فمَن فسَّر شيئًا مِن هذا بِهَواهُ وردَّه فهو جهميٌّ» الجَهْمِيَّةُ نفوا الأَسْماءَ والصِّفاتِ؛ لأَنَّهم فسَّروها بما يليق بالمخلوق، ولا شكَّ أَنَّ اللهَ يُنزَّهُ عمَّا يليق بالمخلوق، فهُمْ مثَّلوا أَوَّلاً، ثم عطَّلوا ثانيًا، بناءً على تمثيلهم، حيث لم يظهر لهم من هذه النُّصوصِ إِلاَّ ما يشبه ما في المخلوقين فنفوها من أَجْل ذلك.


الشرح