×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

كذلك: إِثْباتُ الصُّورةِ للهِ عز وجل في قوله صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» ([1]).

وفي روايةٍ: «عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» ([2]) نُثْبِتُ الصَّورةَ للهِ عز وجل كما أَثْبتها له رَسُولُه في قوله: «رَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» ([3]) هذا في الدُّنْيا رُؤْيَا منامٍ. «فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» فيه إِثْباتُ الصُّورةِ للهِ جل وعلا، كما يليق بجلاله ليست كصُوَرِ المخلوقين، وإِنَّما هي صورةُ الرَّحْمن جل وعلا، فهذه الأُمُورُ نُثْبِتُها ولا نتدخَّل أَوْ نُشكِّك فيها، أَوْ نخوض فيها.

و«التَّفْويضُ» الصَّحيحُ هو تفويضُ الكيفيَّة، لا تفويضَ المعنى.

قوله: «لا تُفسِّر شيئًا من هذه بِهَوَاكَ» وإِنَّما تُفسِّرها بالمعنى الصَّحيحِ اللاَّئِقِ باللهِ جل وعلا، لا يُقال: إِنَّها لا تُفسَّرُ، بل تُفَسَّرُ ويُبيَّنُ معناها، وإِنَّما التَّفْويضُ للكيفيَّة فقط، تُثْبِتُ النُّزولَ، وتنفي الكيفيَّةَ، الله جل وعلا يأتي يومَ القيامة لفصل القضاءِ، كما قال تعالى: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا [الفجر: 22]، ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ [البقرة: 210] يأتي سبحانه ويجيءُ لفصل القضاءِ بين عباده، ولكنَّه ليس كمجيءِ المخلوق وإِتْيانِ المخلوق، وإِنَّما هو إِتْيانٌ ومجيءٌ يليق بجلاله كيف يشاءُ سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5873)، ومسلم رقم (2841).

([2])  أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (13580)، والحارث في «مسنده» رقم (872).

([3])  أخرجه: الترمذي في سننه (3234)، والدارمي رقم (2195)، وأبو يعلى رقم (2608).