فيجب معرفة هذه القواعدِ العظيمةِ، ليكونَ الإِنْسانُ على بصيرةٍ ويعرف
مذهبَ السَّلف فيها، الذين هم أَثْبَتُ منه وأَعْلَمُ منه، ولا يستقلَّ بفهمِه
وعقلِه ويُثْبِتُ للهِ أَشْياءَ لا يدري عنها بناءً على ظواهر أَوْ متشابهات،
وهناك أَدِلَّةٌ مُحْكمةٌ تُبيِّنُها وتُوضِّحُها، فيجب أَنْ يردَّ المتشابهَ إِلى
المُحْكَمِ، وهذا لا يهتدي إِليه إِلاَّ الرَّاسخون في العلم.
فيجب على طالب العلم والمبتدئِ أَلاَّ يتسرَّعَ في هذه الأُمورِ، بل يتوقف عنها، وأَنْ يتعلَّم كيف يفهمُها على منهج السَّلف، والجَادَّةُ واضحةٌ، والسَّلفُ ما قصَّروا في بيان الحقِّ، ووضعِ القواعد والضَّوابط، لكنَّ هذا يحتاج إِلى تَعَلُّمٍ، ويحتاج إِلى فَهْمٍ، ومثلُ هذا أَيْضًا قولُه صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» ([1])، «وَيَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ» ([2])، «يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، «يَجِئُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ»، نُثْبِتُ هذه الأَشْياءَ للهِ على حقيقتها، دون تدخُّلٍ في تحديدِ الكَيْفيَّة فلا نتكلَّف معرفةَ كيف ينزل، كيف يأتي، كيف يجيءُ، فالكَيْفِيَّةُ لا نتدخَّل فيها، أَمَّا المعنى فهو معقولٌ، ولهذا لمَّا سُئِلَ الإِمامُ مَالِكٌ عن كَيْفِيَّةِ الاِسْتِواءِ، قال السَّائِلُ: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] كيف اسْتَوَى؟ يسأل عن الكَيْفيَّة، قال له مَالِكٌ رحمه الله: «الاِسْتِواءُ معلومٌ» يعني معلوم معناه، «والكَيْفُ مجهولٌ، والإِيْمانُ به واجبٌ، والسُّؤَالُ عنه»» أَيْ: عن الكيفيَّة «بِدْعةٌ»، هذا هو المنهجُ السَّليمُ في مثل هذه الأُمورِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1094)، ومسلم رقم (758).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد