قوله: «لا يُسْأَلُ عمَّا يفعل وهُمْ
يُسْأَلُون» لا يسأَل عمَّا يفعل سبحانه وتعالى؛ لأَنَّ أَفْعالَه ليس فيها
نقصٌ، وليس فيها خَلَلٌ، فهي مُتْقَنَةٌ ومُحْكَمَةٌ، ولا يتطرَّق إِليها نقصٌ
أَوْ خَلَلٌ أَبدًا، والسُّؤَالُ إِنَّما يكون لمن عنده نقصٌ أَوْ خَلَلٌ في
عملِه، فاللهُ لا يُسْأَلُ عمَّا يفعل؛ لأَنَّ أَفْعالَه على التَّمام والكمالِ،
لا لمُجرَّدِ قهرِه وربوبيَّتِه، كما يقوله من يقوله، هو لا يُسْأَلُ لعظمتِه سبحانه
وتعالى وجلالِه، لكنْ ليس هذا وَحْدَهُ فقط، بل لا يُسْأَلُ أَيْضًا لأَنَّ
أَعْمالَه مُتْقَنَةٌ لا يتطرَّق إِليها نقصٌ أَوْ خَلَلٌ بالكُلِّيَّة، بخلاف
المخلوق فإِنَّه يُسْأَلُ عن فِعْلِه؛ لأَنَّه يُخْطِئُ وينقص عملُه، ويكون عليه
ملاحظاتٌ، فهو يُسْأَلُ لأَنَّه ناقصٌ من كلِّ الوجوه، إِلاَّ من كمَّله اللهُ
وأَعانه وسدَّده، ولهذا قال: «لا يُسْأَلُ
عمَّا يفعل وهُمْ يُسْأَلُون» هذا من الفرق بين الخالقِ والمخلوقِ: أَنَّ الله
لا يُسْأَلُ والمخلوق يُسْأَلُ.
قوله: «ولا يقال: لِمَ وكيفَ؟ ولا يدخل
أَحدٌ بين اللهِ وبين خلقِه» ولا يُعْتَرَضُ على الله، فيقال: لماذا خلق اللهُ
كذا؟ وما كيفيَّةُ خلقِ الله لهذه الأَشْياءِ؟ هذا لا يجوز في حقِّ الله سبحانه
وتعالى، بل علينا التَّسْليمُ، والانْقِيادُ، واعتقادُ أَنَّ أَفْعالَ الله كاملةٌ
لا يتطرَّق إِليها نقصٌ ولا خَلَلٌ، وإِنْ خَفِيَتْ علينا بعضُ الحكم أَوْ بعضُ
العِلَلِ فلا نُسْأَلُ عنها، بل نُسلِّمُ إِنْ أَدْرَكْنَا الحِكْمةَ والعِلَّةَ
فيها فنِعمت، وإِنْ لم نُدْرِكْها فإِنَّنا نُسلِّم، ولا نعترض على الله أَوْ
نتوقَّف عن العملِ حتى نعرف الحِكْمةَ أَوِ العِلَّةَ.
الصفحة 5 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد